كثيرًا ما نلاحظ ازدياد حالات السعال مع انخفاض درجات الحرارة، ورغم أنه قد يبدو عارضًا بسيطًا ومألوفًا، إلا أن استمراره لفترات طويلة أو عودته بشكل متكرر يستوجب التوقف عنده ومراجعة المختصين لتقييم الوضع الصحي العام. وتتعدد العوامل الكامنة وراء هذه الكحة المستمرة، حيث تلعب جودة الهواء الذي نتنفسه دورًا محوريًا في ذلك؛ فارتفاع نسب الملوثات والجسيمات الدقيقة العالقة في الجو يؤدي مباشرة إلى تهيج الجهاز التنفسي، لذا يُنصح دائمًا بمراقبة مؤشرات نقاء الهواء وتجنب الإجهاد البدني في الأماكن المفتوحة عند سوء الأحوال الجوية، مع الاستعانة بأجهزة تنقية الهواء داخل المنازل لضمان بيئة تنفس صحية.
علاوة على ذلك، يمتلئ محيطنا بمهيجات يومية قد لا نلقي لها بالاً، مثل الهواء الجاف، أو الروائح النفاذة كالعطور القوية والمنظفات المنزلية، وبالتأكيد التعرض للدخان، فجميعها محفزات قوية لإثارة السعال. وفي سياق متصل، ترتبط الكحة بشكل وثيق بالاستجابات التحسسية، حيث تؤدي مثيرات الحساسية الشائعة كغبار الطلع، ووبر الحيوانات الأليفة، والأتربة إلى حدوث ما يُعرف بالتنقيط الأنفي الخلفي الذي يترجمه الجسم على هيئة سعال، وهو عرض يشترك فيه أيضًا مرضى الربو الذين يعانون غالبًا من كحة ملازمة لهم. كما لا يمكن استبعاد الأمراض الرئوية الأكثر تعقيدًا، كالتهابات الشعب الهوائية، والالتهاب الرئوي، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، حيث تُعد جميعها مسببات رئيسية للسعال طويل الأمد.
ومن الزوايا الطبية التي قد يغفل عنها الكثيرون، أن مصدر السعال قد لا يكون نابعًا من الجهاز التنفسي فحسب، بل قد يكون الجهاز الهضمي هو المسؤول، وتحديدًا عند الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي، حيث يؤدي ارتداد أحماض المعدة وحرقتها إلى إثارة الكحة بشكل ملحوظ. أخيراً، يجب الانتباه إلى الأدوية العلاجية التي نستخدمها، فقد يكون السعال مجرد أثر جانبي لبعض العقاقير، مثل فئات معينة من أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى المسكنات ومضادات الالتهاب المتداولة كالأسبرين والإيبوبروفين.
التعليقات