تعيش العاصمة الهندية وضواحيها أزمة بيئية خانقة، حيث استمرت مؤشرات تلوث الهواء في تسجيل مستويات قياسية مثيرة للقلق، مصنفةً الوضع ضمن خانة “الخطر الشديد” خلال الأيام المنصرمة. ففي هذه المنطقة المكتظة بالسكان، التي يقطنها قرابة ثلاثين مليون نسمة، كسرت معدلات التلوث حاجز الـ 450 نقطة، وترافق ذلك مع انتشار ضباب كثيف أدى إلى تدني مستوى الرؤية الأفقية بشكل ملحوظ، مما تسبب في إرباك واسع لحركة النقل، شمل تعطل رحلات الطيران وتأخر حركة القطارات.
وأمام هذا التدهور المتسارع في جودة الهواء، اضطرت الجهات المعنية إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى، حيث قامت هيئة إدارة جودة الهواء يوم السبت الماضي بتفعيل المرحلة الرابعة من خطة الطوارئ المتدرجة، وهي المستوى الأعلى والأكثر صرامة في بروتوكولات التعامل مع الكوارث البيئية. وتضمنت هذه الخطوة تطبيق حزمة من القيود الصارمة، أبرزها منع دخول شاحنات الديزل القديمة إلى المدينة، وإصدار أوامر بوقف فوري لكافة أعمال التشييد والبناء، بما في ذلك المشاريع التابعة للدولة، بالإضافة إلى اعتماد نظام تعليمي مرن يجمع بين الحضور والدراسة عن بعد.
وفي إطار المساعي الحكومية لتقليل الانبعاثات وتخفيف الازدحام، أعلن كابيل ميشرا، الوزير في الحكومة المحلية، اليوم الأربعاء عن تنظيم جديد لآلية العمل، يقضي بأن تداوم المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة بنصف طاقتها البشرية فقط داخل المقرات، على أن يمارس النصف الآخر مهامهم وظيفياً من المنازل، مع وجود استثناءات محدودة للقطاعات الضرورية.
ولم تغفل السلطات الجانب الإنساني والاقتصادي لهذه الإجراءات التقشفية؛ فقد أوضح ميشرا خلال تصريحاته الصحفية أن الحكومة ستقدم يد العون لعمال البناء المسجلين رسمياً، والذين يعتمد غالبيتهم على الأجر اليومي وتضرروا من قرار وقف الأعمال، حيث تقرر صرف تعويض مالي قدره عشرة آلاف روبية (حوالي 110 دولارات) لكل عامل لمساعدتهم على تجاوز هذه الفترة العصيبة.
التعليقات