تتعالى أصوات المتخصصين في مجال الصحة العامة محذرة من الانجراف وراء العادات الغذائية الضارة التي باتت تهدد سلامة الأطفال، وتأتي في مقدمة هذه التحذيرات المخاطر المرتبطة بالاستهلاك المفرط للمعجنات سريعة التحضير؛ فعلى الرغم من جاذبية هذه الوجبات للصغار نظراً لمذاقها المعزز بالنكهات القوية وسهولة إعدادها التي توفر وقت الأمهات، إلا أنها تخفي خلف هذا الطعم مشاكل صحية جدية قد تظهر آثارها فوراً أو تتراكم لتظهر مستقبلاً.

ويعود السبب الرئيسي لانتشار هذه الأطباق في البيوت إلى تكلفتها المنخفضة وسرعة تجهيزها، مما يجعلها خياراً مغرياً عند ضيق الوقت، لكن خبراء التغذية يكشفون الوجه الآخر لهذه العملة، موضحين أن هذه المنتجات عبارة عن مزيج مكثف من الدهون المشبعة، والأملاح، والمواد الحافظة، ومحسنات الطعم الصناعية، وفي المقابل، فهي تفتقر بشكل كبير إلى العناصر الحيوية اللازمة لبناء جسم الطفل مثل الألياف والفيتامينات والمعادن، مما يجعلها وجبة فقيرة غذائياً رغم شعور الشبع الذي تمنحه.

وعند النظر إلى تأثيرها الداخلي، نجد أن الجهاز الهضمي هو أول المتضررين، حيث تتسبب المكونات الصناعية في إحداث اضطرابات معوية تتراوح بين الانتفاخات وعسر الهضم والإمساك، فضلاً عن دورها السلبي في الإخلال بتوازن البكتيريا النافعة داخل الأمعاء، وهو ما ينعكس بدوره على كفاءة الجهاز المناعي وقدرة الجسم على مقاومة العدوى، كما أن محتواها العالي من السعرات الحرارية “الفارغة” يجعلها سبباً رئيسياً في زيادة الوزن غير الصحية، مما يرفع احتمالية إصابة الأطفال بالسمنة المبكرة وما يتبعها من أمراض مزمنة كالسكري واختلال ضغط الدم في مراحل عمرية لاحقة.

ولا تقتصر الأضرار على الجانب الجسدي فحسب، بل تمتد لتشمل الجانب الذهني والسلوكي؛ فقد لوحظ وجود رابط بين تناول الأطعمة المشبعة بالمواد الكيميائية والملح وبين تشتت الانتباه وفرط الحركة لدى التلاميذ، مما يؤثر سلباً على تحصيلهم الدراسي واستقرارهم النفسي، إضافة إلى ذلك، يمثل المحتوى العالي من الصوديوم عبئاً ثقيلاً على كلى الأطفال التي لا تزال في طور النمو، مما قد يؤدي لاحتباس السوائل ومشاكل في ضغط الدم.

وتزداد الخطورة عندما يتحول تناول هذه الوجبات إلى عادة يومية أو نمط غذائي ثابت، مما يحرم الطفل من احتياجاته الأساسية من الكالسيوم والحديد وفيتامينات النمو الضرورية لصلابة العظام والتطور الجسدي السليم، لذا يشدد الخبراء على ضرورة كسر هذه العادة واستبدالها بخيارات منزلية صحية، مثل تحضير المعكرونة بطرق مبتكرة مع الخضروات الطازجة أو تقديم الحساء الطبيعي الغني بالمغذيات، لضمان نشأة صحية خالية من الأمراض.