يُعرف تراكم الدهون الزائدة داخل خلايا الكبد حاليًا بمسمى “مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل في التمثيل الغذائي”، وهو التسمية الحديثة لما كان يُشار إليه سابقًا بالكبد الدهني غير الكحولي. ترتبط هذه الحالة الصحية بشكل وثيق بطبيعة الجسم والعمليات الحيوية فيه، حيث يكثر شيوعها بين الأفراد الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن، وهي متلازمة غالبًا ما تصاحب أمراضًا أخرى مثل داء السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، أو اضطرابات مستويات الكوليسترول، مما يؤدي في النهاية إلى تكدس الدهون في الكبد.

من السمات المخادعة لهذا المرض أنه قد يتطور في صمت تام دون أن تظهر على المريض أي علامات تحذيرية واضحة في بداياته. وإذا ما ظهرت الأعراض، فإنها عادةً ما تكون عامة وغير محددة، مثل الشعور المستمر بالإعياء، أو الإرهاق الشديد دون بذل مجهود، وقد يشعر المصاب أحيانًا بألم خفيف أو انزعاج في المنطقة العلوية اليمنى من البطن. ولكن مع تفاقم الوضع الصحي وتطور الحالة إلى التهاب الكبد الدهني (MASH) أو حدوث تليف وندبات شديدة، يبدأ الجسم بإظهار ردود فعل أكثر حدة ووضوحًا، تشمل اصفرارًا في لون الجلد وبياض العينين (اليرقان)، والشعور بحكة جلدية، وظهور شعيرات دموية دقيقة تحت الجلد تشبه العنكبوت، بالإضافة إلى علامات احتباس السوائل مثل تورم الساقين وانتفاخ البطن (الاستسقاء)، وما يصاحب ذلك من ضيق في التنفس وتضخم في الطحال وتغيرات في لون البشرة.

يعتمد حجر الزاوية في التعامل مع هذه الحالة وعلاجها بشكل أساسي على تعديل نمط الحياة، حيث يُعد إنقاص الوزن الخطوة الأولى والأكثر فاعلية. يتم ذلك من خلال الالتزام بنظام غذائي متوازن يقلل من استهلاك الدهون، بالتزامن مع ممارسة النشاط البدني بانتظام. ورغم أن الأطباء يوصون عادةً بفقدان ما نسبته 10% أو أكثر من وزن الجسم لتحقيق أفضل النتائج، إلا أن فقدان نسبة أقل تتراوح بين 3% إلى 5% قد يساهم أيضًا في تحسين صحة الكبد والسيطرة على المشكلات الصحية الأخرى المسببة للمرض.

وعلى الصعيد الدوائي، تتوفر خيارات علاجية حديثة مثل عقاري “ريسميتيروم” و”سيماجلوتيد”، اللذين يساعدان في تقليل تراكم الدهون وتخفيف حدة الندبات لدى المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد الدهني المصحوب بتندب متوسط إلى شديد. ومع ذلك، لا يُنصح باستخدام هذه العقاقير في حالات التليف الكبدي المتقدمة. وفي السيناريوهات الأكثر خطورة، عندما يؤدي المرض إلى تلف كامل في الكبد، قد يصبح التدخل الجراحي لإجراء عملية زراعة كبد هو الحل الوحيد المتاح للمريض.