كثيرًا ما يُنظر إلى امتلاء منطقة الخصر وتراكم الشحوم فيها على أنه مجرد مشكلة جمالية تؤرق صاحبها، إلا أن الحقائق الطبية تكشف عن وجه آخر أكثر خطورة لهذا التراكم العميق. فما يُعرف بالدهون الحشوية لا يكتفي بالاستقرار تحت الجلد، بل يتغلغل ليحاصر الأعضاء الداخلية الحساسة، محولًا منطقة البطن إلى بؤرة نشطة بيولوجيًا تفرز مواد ضارة. ولعل أبرز التهديدات التي تشكلها هذه الدهون تكمن في تأثيرها المدمر على صحة القلب والأوعية الدموية؛ إذ تساهم في رفع مستويات الالتهاب في الجسم، مما يمهد الطريق لتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم، فضلًا عن زيادة احتمالية حدوث السكتات الدماغية واختلال نسب الكوليسترول عبر زيادة النوع الضار والدهون الثلاثية على حساب النوع النافع.
وبعيدًا عن الجهاز الدوري، يمتد الضرر ليضرب التوازن الكيميائي والحيوي في الجسم، حيث يُعد تضخم محيط البطن مؤشرًا قويًا على اضطرابات التمثيل الغذائي. تتسبب هذه الدهون المتراكمة في إعاقة عمل هرمون الإنسولين، مما يجعل الخلايا تبدي مقاومة له، وهو المسار الرئيسي والمباشر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. كما أن الكبد لا يسلم من هذا الغزو الدهني؛ إذ تتسرب الشحوم إلى أنسجته مسببة ما يعرف بالكبد الدهني، وهي حالة قد تتطور بمرور الوقت من مجرد ترسبات إلى التهابات حادة أو تليف خطير يعيق وظائف الكبد الحيوية إذا لم يتم تدارك الأمر.
ولا تتوقف القائمة عند هذا الحد، فالمخاطر تتشعب لتشمل الجهاز التنفسي أيضًا، حيث تضغط الكتل الدهنية الزائدة على الحجاب الحاجز ومنطقة الصدر، مما يؤدي إلى صعوبات في التنفس وانقطاع النفس أثناء النوم، وهو ما يحرم الجسم من الراحة الليلية اللازمة ويؤثر على الصحة العامة. علاوة على ذلك، تشير المعطيات العلمية إلى وجود رابط مقلق بين الالتهابات المزمنة التي تسببها هذه الدهون وبين ارتفاع احتمالية نشوء بعض الأورام الخبيثة، مثل سرطانات القولون والثدي. وفي المحصلة، تشكل هذه الأعراض مجتمعة ما يسمى بـ “متلازمة الأيض”، وهي حلقة مفرغة تضم ارتفاع السكر والضغط واضطراب الدهون، تجعل الجسم في حالة ضعف مستمر أمام مخاطر صحية جسيمة.
التعليقات