مع اشتداد برودة الشتاء، يميل الكثيرون إلى الالتزام بروتينهم الرياضي الصباحي سعيًا لتعزيز اللياقة وصحة القلب، إلا أن الخبراء يوجهون تنبيهات هامة بضرورة توخي الحذر، خصوصًا للفئات التي تعاني من مشكلات في القلب أو ارتفاع في ضغط الدم. فالاندفاع لممارسة الرياضة في الساعات الأولى من اليوم وسط الأجواء الصقيعية قد يحمل نتائج عكسية ومخاطر صحية جدية بدلاً من الفوائد المرجوة.

تكمن المشكلة الأساسية في رد فعل الجسم الفسيولوجي تجاه انخفاض درجات الحرارة؛ فاستنشاق الهواء البارد يؤدي بشكل مباشر إلى تضيق الشعب الهوائية، مما يسبب صعوبات في التنفس ويثير متاعب إضافية لمرضى الربو والحساسية الصدرية، وهو ما يشكل ضغطًا مضاعفًا على الجهاز التنفسي والقلب معًا. وبالتوازي مع ذلك، تتفاعل الأوعية الدموية مع البرودة بالتقلص والانقباض كمحاولة للحفاظ على حرارة الجسم الداخلية، وهذا التغيير الفسيولوجي يرفع ضغط الدم ويجبر عضلة القلب على بذل جهد أكبر لضخ الدم. ولأن القلب يكون بطبيعة الحال أكثر عرضة للإجهاد في ساعات الصباح الباكر، فإن الجمع بين الجهد البدني والطقس القارس قد يزيد بشكل ملحوظ من احتمالية التعرض لأزمات قلبية مفاجئة.

علاوة على ذلك، فإن الجسم في الشتاء يستهلك طاقة أكبر لمجرد الحفاظ على الدفء، مما يعني أن أي نشاط بدني بسيط يصبح أكثر إرهاقًا للأجهزة الحيوية مقارنة بالأوقات الأخرى. ولا تنحصر المخاطر في الجوانب الصحية الداخلية فحسب، بل تمتد لتشمل العوامل البيئية؛ حيث يترافق الصباح الشتوي عادة مع تشكل الضباب الكثيف وتدني مستوى الرؤية، ما يرفع من احتمالات التعرض لحوادث الطريق أو السقوط نتيجة عدم وضوح العوائق.

لضمان ممارسة رياضية آمنة وفعالة، يُنصح بتعديل الجدول الزمني للمشي، بحيث يتم اختيار أوقات الضحى أو فترات ما بعد الظهيرة حين تكون درجات الحرارة أكثر اعتدالًا، مما يخفف العبء عن القلب والرئتين. ولمن يصرون على الخروج، يجب اتخاذ تدابير وقائية صارمة تشمل ارتداء ملابس دافئة متعددة الطبقات لعزل حرارة الجسم، والحرص على شرب كميات كافية من الماء لتعويض السوائل، بالإضافة إلى إجراء تمارين تحمية داخل المنزل لتهيئة الجسم قبل التعرض للهواء الخارجي. ويظل الإنصات لإشارات الجسم هو المعيار الأهم، حيث يجب التوقف فورًا وطلب الرعاية الطبية عند الشعور بأي ألم في الصدر، دوار، أو إعياء غير معتاد.