مع حلول موسم الأعياد واقتراب لحظات توديع العام، تتجه الأنظار عادةً نحو الاحتفال وقضاء الأوقات الممتعة مع العائلة والأصدقاء، إلا أن هناك جانباً صحياً مقلقاً يطفو على السطح في هذه الفترة؛ إذ يرصد الخبراء الصحيون تزايداً ملحوظاً في حالات الطوارئ القلبية. اللافت في الأمر أن هذه الأزمات لم تعد حكراً على كبار السن، بل أصبحت تطارد بشكل متزايد الفئات العمرية الشابة، وتحديداً أولئك الذين هم في الثلاثينيات والأربعينيات من عمرهم، والذين قد يجدون أنفسهم فجأة في غرف الطوارئ يعانون من آلام الصدر أو اضطرابات حادة في ضغط الدم.
يعود هذا التدهور الصحي المفاجئ إلى ما يُصطلح عليه طبياً بـ “متلازمة القلب في العطلات”، وهي حالة تنشأ نتيجة جملة من السلوكيات غير الصحية التي تجتمع في وقت واحد؛ فالإسراف الشديد في تناول الأطعمة الدسمة والمالحة، والمبالغة في استهلاك المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى السهر وقلة النوم، كلها عوامل تشكل ضغطاً هائلاً على عضلة القلب. يؤدي هذا المزيج، خاصة تأثير الكحول السام على خلايا القلب، إلى تشوش الإشارات الكهربائية المنظمة للنبض، مما قد يسفر عن حدوث رجفان أذيني أو خفقان، فضلاً عن تأثير الطقس البارد الذي يساهم في انقباض الأوعية الدموية ورفع احتمالية حدوث الجلطات.
تتفاوت درجات الخطورة من شخص لآخر، حيث يكون الأفراد الذين يعانون مسبقاً من مشاكل صحية كامنة أكثر عرضة لهذه المضاعفات. فالأشخاص المصابون بارتفاع ضغط الدم، السكري، السمنة المفرطة، أو أولئك الذين يعانون من مشاكل في صمامات القلب وانقطاع النفس أثناء النوم، يواجهون خطراً مضاعفاً عند الانخراط في عادات الأكل والشرب المفرطة. ومع ذلك، فإن هذه المتلازمة قد تباغت حتى الأشخاص الأصحاء الذين لا يملكون تاريخاً مرضياً، إذا ما تجاوزوا الحدود الآمنة في احتفالاتهم، مما يستدعي الحذر والانتباه لأي أعراض غير طبيعية مثل ضيق التنفس أو التعب الشديد.
لضمان عبور هذه الفترة الاحتفالية بسلام والحفاظ على صحة القلب، يكمن السر في الاعتدال والتوازن؛ إذ ينبغي السيطرة على كميات الطعام والشراب، والحرص الشديد على ترطيب الجسم بشرب كميات وفيرة من الماء لا تقل عن ثمانية أكواب يومياً لمواجهة الجفاف الناتج عن الأطعمة المالحة والمشروبات المحلاة. كما يُنصح بضرورة إدارة الضغوط النفسية والمالية التي قد ترافق هذه المناسبات من خلال الاسترخاء وتمارين التنفس، مع عدم إغفال أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً، والحفاظ على نشاط بدني معتدل، كالمشي لعدة آلاف من الخطوات يومياً، للمساعدة في حرق السعرات الزائدة وتنشيط الدورة الدموية.
التعليقات