كشفت دراسات وبائية حديثة أجريت في أوروبا عن معطيات مقلقة تتعلق بالآثار الصحية الكامنة وراء ظاهرة الرسم على الجسد، حيث أشارت النتائج إلى وجود رابط محتمل بين هذه الممارسات وارتفاع خطر الإصابة بأشد أنواع سرطانات الجلد فتكاً. هذا التحذير الطبي يضع الملايين من عشاق هذا الفن الجسدي المنتشر عالمياً أمام حقيقة علمية تستوجب التوقف وإعادة النظر في مأمونية المواد المستخدمة وتأثيراتها بعيدة المدى على الصحة العامة.
يكمن جوهر التهديد في التركيبة المعقدة للأحبار التي يتم حقنها تحت البشرة، إذ أظهرت التحليلات المخبرية أن الكثير من هذه المواد تحتوي على مركبات كيميائية سامة، أبرزها الهيدروكربونات العطرية والأمينات، إلى جانب نسب من المعادن الثقيلة. وبمجرد استقرار هذه العناصر داخل الأنسجة، فإنها قد تبدأ في إحداث تفاعلات بيولوجية ضارة، تصل إلى حد إتلاف الحمض النووي للخلايا وتحفيز التحورات الجينية التي تمهد الطريق لظهور الأورام الخبيثة، مما يجعل من جودة الحبر ومصدره عاملاً حاسماً في تحديد مستوى الخطورة.
لا يتقبل الجسم البشري هذه الأصباغ بسهولة، بل يتعامل معها جهازه المناعي كأجسام غريبة دخيلة، مما يطلق رد فعل دفاعي مستمر لمحاولة التخلص منها أو احتوائها، وهو ما قد يؤدي إلى التهابات مزمنة وتسرّب للمواد الكيميائية إلى الجهاز الليمفاوي. وتزداد الصورة تعقيداً مع مرور الوقت وتأثير العوامل الخارجية، حيث تلعب أشعة الشمس دور المحفز السلبي؛ إذ تعمل الأشعة فوق البنفسجية على تكسير جزيئات الصبغة وتحويلها إلى نواتج تحلل سامة تضاعف من المخاطر الصحية.
أمام هذه الحقائق، يشدد الخبراء على ضرورة اتباع إجراءات وقائية صارمة، تبدأ بالتدقيق في مكونات المواد المستخدمة، ولا تنتهي عند حدود عيادة التجميل، بل تمتد لتشمل العناية اللاحقة، خاصة فيما يتعلق بحماية الجلد الموشوم من التعرض المباشر لأشعة الشمس باستخدام واقيات فعالة. كما تتعالى الأصوات المطالبة بفرض رقابة حكومية أشد صرامة على منتجات الأحبار المتداولة في الأسواق، لضمان خلوها من المسرطنات، حيث يبقى الوعي الكامل بهذه التفاصيل هو خط الدفاع الأول للحفاظ على السلامة الجسدية.
التعليقات