في منتصف شهر ديسمبر من كل عام، يحتفي العالم بمشروب لا يعتبره الناس مجرد سائل يروي الظمأ، بل يرونه رفيقاً للأحاديث وملاذاً للباحثين عن الاسترخاء وتعديل المزاج، خاصة عقب الوجبات الدسمة أو في السهرات العائلية. وفي الحالة المصرية، يكتسب هذا المشروب قدسية خاصة، فلا يكاد يخلو منزل أو مكان عمل من طقوس “كوب الشاي” التي تلازم المصريين في كافة أحوالهم، سواء في لحظات البهجة أو أوقات الشجن، مشكلاً جزءاً لا يتجزأ من نسيج يومهم.

ولا تقتصر هذه العادة على عامة الناس فحسب، بل تمتد لتشمل نجوم الساحرة المستديرة الذين أثبتوا أن عشقهم لكرة القدم يوازيه غرام لا ينقطع بهذا المشروب الساخن، حتى أن بعضهم لم يتردد في تناوله داخل الملاعب. ومن أبرز هؤلاء، النجم الأسمر أحمد الكاس، الذي تألق في مونديال التسعينيات، وتواترت الحكايات الطريفة حول رفضه لعروض احترافية أوروبية، قيل إن أحدها كان من نادي ميلان، بسبب تعلقه بطقوسه اليومية في احتساء الشاي، وهي روايات يمتزج فيها المزاح بالحقيقة. وقد أكد المدرب الهولندي رود كرول، الذي أشرف على تدريب الكاس، أن هذا اللاعب كان يمتلك موهبة فذة تؤهله للعالمية، لكن ميله للجلوس واحتساء الشاي لساعات طويلة أثر سلباً على لياقته البدنية، لدرجة أن زملاءه تحدثوا عن معدلات استهلاك خيالية تصل إلى أربعين كوباً يومياً، بل وكان يُشاهد أحياناً يترك المباريات الودية لدقائق ليرتشف الشاي في مقهى مجاور.

وعلى صعيد آخر، برزت صورة مغايرة لعلاقة النجوم بالشاي من خلال نجم ليفربول محمد صلاح، الذي أطل في إعلان تليفزيوني رمضاني بملابس منزلية بسيطة “بيجامة”، وهو يغمس “البقسماط” في كوب من الشاي بحليب، مجسداً بذلك مشهداً شتوياً دافئاً يعكس الأجواء المصرية الأصيلة بعيداً عن صخب الملاعب الأوروبية، ومؤكداً أن العادات البسيطة تظل راسخة مهما بلغت النجومية.

ولم يقتصر الأمر على اللاعبين، بل امتد للأجهزة الفنية، حيث رصدت العدسات في وقائع سابقة محمد صلاح، مدرب الزمالك الأسبق، وهو يستمتع بكوب من الشاي بالحليب وهو جالس على دكة البدلاء أثناء إدارة فريقه لمباراة رسمية. المشهد تكرر بصورة مشابهة مع أسامة عرابي، نجم الأهلي السابق، الذي شوهد أثناء توليه تدريب أحد الفرق وهو يقوم بتحضير الشاي بنفسه في المدرجات، معترفاً بأنه لا يستطيع الاستغناء عن الشاي بالحليب الذي يتناوله عدة مرات يومياً، مما يثبت أن “مزاج الشاي” يتفوق أحياناً على توتر المنافسات الكروية.