في سياق الحديث عن الأسس التربوية السليمة لبناء الأجيال، يرى الدكتور تامر شوقي، المتخصص في علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، أن ارتباط النشء بالقرآن الكريم يشكل ركيزة أساسية في تكوين البنية النفسية والعقلية للطفل، مؤكداً أن هذه العملية ليست مجرد حفظ للنصوص، بل هي أداة فعالة لتنمية الشخصية بصورة شمولية ومتوازنة، وهو ما يتناغم مع الأهداف التي تسعى البرامج الدينية المتخصصة لإبرازها.
ويشير الخبير التربوي إلى أن الانخراط في حفظ الآيات يعمل كمحرك قوي للقدرات الذهنية؛ حيث يثري القاموس اللغوي للطفل بمفردات ومعانٍ عميقة، ويعمل على صقل مهارات الذاكرة والفهم الدقيق، مما يؤدي بدوره إلى رفع الكفاءة العقلية بشكل عام. هذا التطور الذهني ينعكس تلقائياً على الأداء الأكاديمي، فيصبح الطفل أكثر قدرة على استيعاب المواد الدراسية المختلفة والتميز فيها بفضل المهارات المكتسبة من مدارسة القرآن.
وعلى الصعيد السلوكي والنفسي، يتجاوز هذا الأثر حدود التحصيل العلمي ليصيغ شخصية الطفل في قالب متزن؛ إذ يزرع فيه قيم الانتماء والاحترام للكبير، ويعزز ثقته بذاته وشعوره بالإنجاز. كما يلاحظ أن الأطفال المداومين على الحفظ يتمتعون باستقرار نفسي وهدوء داخلي، ويميلون إلى بناء علاقات اجتماعية سوية، فضلاً عن قدرتهم العالية على إدارة أوقاتهم وتوجيهها نحو أنشطة مثمرة تبعدهم عن هدر الوقت فيما لا ينفع.
ومن أجل ترسيخ هذه العلاقة الروحية، يوصي الخبير التربوي الآباء باتباع منهجية محببة تقرب الطفل من كتاب الله، تبدأ من اعتياد سماعه بأصوات قراء يتميزون بالعذوبة لجذب انتباه الصغار، مع الحرص على شرح المعاني وتبسيطها بما يلائم مداركهم العقلية. كما ينصح بسرد القصص القرآني بأسلوب شيق يثير الخيال، وربط عملية الحفظ بنظام تحفيزي يشمل المكافآت والمشاركة في المسابقات التشجيعية، ليكون ذلك دافعاً مستمراً لهم. وفي المحصلة، فإن العناية بربط الطفل بالقرآن منذ نعومة أظفاره تعد استثماراً حقيقياً لإنشاء جيل واعٍ يمتلك التوازن الأخلاقي والنفسي.
التعليقات