يمثل يوم العشرين من ديسمبر لعام 2020 علامة فارقة في تاريخ الرياضة، حيث شهد صعود البطل المصري ممدوح السبيعي، المعروف عالمياً بلقب “بيج رامي”، إلى قمة الهرم في رياضة كمال الأجسام. لم يكن تتويجه بلقب “مستر أولمبيا” مجرد فوز عابر، بل كان تجسيداً حياً لقوة الإرادة وقدرة الإنسان على تحدي الصعاب، إذ تمكن البطل المصري من انتزاع اللقب الأغلى من بين أنياب منافسين أمريكيين هيمنوا عليه لسنوات طوال، أبرزهم فيل هيث الذي احتكر البطولة لسبع دورات متتالية، بالإضافة إلى تفوقه على أبطال بارزين آخرين مثل براندون كيري والإيراني هادي شوبان.

بهذا الإنجاز الاستثنائي، حفر السبيعي اسمه بحروف من ذهب في سجلات الاتحاد الدولي لكمال الأجسام واللياقة البدنية (IFBB)، ليصبح أول رياضي مصري يظفر بهذه الجائزة الكبرى منذ تأسيس الاتحاد في منتصف أربعينيات القرن الماضي، وثاني بطل عربي يحقق هذا الحلم بعد الإنجاز الذي سبقه إليه البطل اللبناني سمير بنوت في ثمانينيات القرن العشرين. وتكتسب هذه البطولة مكانة خاصة كونها الأعرق في هذا المجال، حيث انطلقت شرارتها الأولى من مدينة نيويورك عام 1965، وظلت حلماً يراود كل محترفي اللعبة حول العالم.

تعود جذور هذه الحكاية الملهمة إلى محافظة كفر الشيخ، حيث وُلد السبيعي في منتصف الثمانينيات، ورغم تخرجه في معهد الخدمة الاجتماعية، قاده البحث عن سبل العيش إلى السفر للكويت، وهناك بدأت رحلته الفعلية مع “لعبة العضلات” حوالي عام 2010. لم يمض وقت طويل حتى بدأ نجمه في السطوع، فبعد فوزه ببطولة الكأس الذهبية بالكويت عام 2012، شق طريقه نحو العالمية بحصوله على المركز الأول في “أولمبيا للهواة”، ثم واصل تألقه بانتزاع لقب “نيويورك للمحترفين” في العام التالي، واضعاً نصب عينيه اللقب الأكبر الذي ارتبط تاريخياً بأساطير مثل أرنولد شوارزنيجر.

لم تكن الطريق مفروشة بالورود، بل واجه “بيج رامي” تحديات كادت تعصف بآماله، كان أشدها إصابته بفيروس كورونا في أكتوبر 2020، وهو ما هدد بحرمانه من المشاركة في التصفيات المؤهلة للبطولة الحلم. لكن القدر أنصفه بدعوة خاصة أعادته إلى المضمار، ليحول المحنة إلى منحة ويحقق اللقب المنشود، وسط احتفاء شعبي وجماهيري واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، تقديراً لجهوده واعتزازه بتمثيل بلاده. ولم يكتفِ السبيعي بهذا المجد، بل عاد ليؤكد جدارته وهيمنته على المسرح بكتلته العضلية الضخمة، محتفظاً باللقب للعام الثاني على التوالي في نسخة 2021، ليثبت أنه رقم صعب ومعادلة فريدة في عالم كمال الأجسام.