تقع العديد من الأسر، دون قصد، في فخ ممارسات غذائية تبدو في ظاهرها اعتيادية وبريئة، لكنها قد تحمل في طياتها مخاطر صحية جسيمة تتسلل إلى الأجساد ببطء شديد، حيث نبه مختصون في مجال التغذية وسلامة الغذاء إلى خطورة التعامل الخاطئ مع بقايا الأطعمة، مشيرين إلى أن الرغبة في التوفير وعدم الهدر قد تنقلب إلى ضرر محقق إذا لم تراعَ القواعد الصحية السليمة، لا سيما فيما يتعلق بترك المأكولات المطهية في درجات حرارة الغرفة العادية لفترات طويلة ثم إعادة تعريضها للحرارة عدة مرات.
وتكمن المعضلة الحقيقية، وفقاً لرؤية خبراء التغذية، في أن هذه العادة الشائعة تخلق بيئة خصبة ومثالية لتكاثر الميكروبات ونمو الجراثيم، ويزداد هذا الخطر بشكل خاص مع الأصناف الغنية بالبروتينات أو النشويات، مثل اللحوم والدواجن والأرز، والمثير للقلق هو أن هذا التلوث البكتيري غالباً ما يكون خفياً، إذ لا تصاحبه أي تغيرات ملحوظة في طعم الطعام أو رائحته، مما يمنح المستهلك شعوراً زائفاً بالأمان، فيتناول الطعام وهو معتقد بسلامته بينما قد يحتوي على سموم بكتيرية لا تتأثر بالحرارة ولا تزول حتى مع إعادة التسخين القوي.
وقد لا تظهر تبعات هذا السلوك بشكل فوري أو حاد دائماً، بل قد تتجسد في مشكلات صحية تراكمية ومزمنة، تتنوع ما بين اضطرابات هضمية مستمرة، وحالات من الإعياء والصداع غير المبرر، وصولاً إلى ضعف عام في المناعة ونوبات متكررة من الغثيان، وتزداد وطأة هذه الأعراض وخطورتها لدى الفئات ذات المناعة الهشة، كالأطفال وكبار السن والنساء الحوامل، الذين يكونون أكثر عرضة للتأثر بتلك السموم مقارنة بغيرهم.
ومن المغالطات الشائعة التي صححها المختصون، الاعتقاد السائد بأن وضع الطعام على نار عالية كفيل بتطهيره تماماً، فالحقيقة العلمية تؤكد أن دورة التبريد ثم التسخين المتكررة تضاعف فرص التلوث، ولتجنب هذه المخاطر، يُنصح باتباع نهج وقائي بسيط يعتمد على سرعة حفظ الأطعمة المطهية داخل المبردات “الثلاجة” في مدة لا تتجاوز الساعتين من انتهاء الطهي، مع ضرورة تقسيم الكميات الكبيرة إلى أوعية صغيرة لضمان تبريدها السريع، والاكتفاء بتسخين الكمية المراد تناولها فقط لمرة واحدة، وعدم إرجاع ما تبقى منها للثلاجة مرة أخرى، حفاظاً على الصحة العامة وتجنباً لتحويل وجبة الغداء إلى مصدر للمرض.
التعليقات