غالبًا ما ينصب تركيزنا عند الحديث عن الأخطار الغذائية على السكر باعتباره العدو الأول للصحة، إلا أن خبراء التغذية يكشفون عن حقيقة صادمة تتعلق بوجود “قاتل صامت” آخر يختبئ داخل أطباقنا اليومية دون أن نلكم، وقد يفوق السكر في ضرره نظرًا لطبيعته التراكمية التي تسمم الأنسجة والأعضاء الحيوية بمرور الوقت.
ويوضح المتخصصون، ومنهم الدكتور عبد الرحمن شمس، أن الخطر الحقيقي يكمن في الإضافات الكيميائية والمحسنات الصناعية مثل الجلوتامات أحادية الصوديوم والفوسفات الصناعي. هذه المركبات ليست نادرة، بل هي مكونات أساسية في الأطعمة المعلبة، واللحوم المصنعة، والمقرمشات بأنواعها، وكذلك الصلصات الجاهزة، حيث تتجاوز وظيفتها تحسين النكهة لتصبح عبئًا سامًا يعجز الجسم عن طرده بسهولة.
وتظهر خطورة هذه المواد بوضوح عند مقارنتها بالسكر؛ فبينما يمتلك الجسم آليات فسيولوجية للتعامل مع ارتفاع الجلوكوز، فإنه يواجه صعوبة بالغة في التخلص من تراكمات المواد الحافظة التي تنهك الكبد والكلى، وتؤدي إلى اختلال التوازن البكتيري في الأمعاء، مما يضعف المناعة بشكل عام ويؤدي إلى حالة من التسمم البطيء.
هذا التسمم الداخلي يعبر عن نفسه عبر مجموعة من الإشارات التي يغفل عنها الكثيرون أو يسيئون تفسيرها، مثل الشعور المستمر بالإرهاق، والصداع المتكرر، وتشتت الذهن، إلى جانب الاضطرابات الهضمية كالانتفاخ والغازات والتقلبات المزاجية. هذه الأعراض في الواقع ليست مجرد توعكات عابرة، بل هي نداءات استغاثة تطلقها الأعضاء الداخلية عندما يعجز الكبد عن تفكيك تلك السموم كيميائيًا، مما يؤدي لتسرب بقاياها إلى الدم وزيادة الضغط الوظيفي على الكلى، الأمر الذي قد يتطور من مجرد إجهاد إلى خلل وظيفي حقيقي.
وتتضاعف هذه المخاطر لدى فئات معينة تكون أجسادهم أقل قدرة على المقاومة، مثل الأطفال، وكبار السن، ومرضى القولون العصبي، ومن يعانون من مشاكل في الكبد أو الكلى، وخاصة أولئك الذين يعتمدون في غذائهم بشكل رئيسي على الوجبات السريعة.
وللخروج من دائرة الخطر وحماية الجسم، لا يتطلب الأمر بالضرورة اتباع أنظمة “ديتوكس” قاسية، فالجسم يمتلك قدرة فطرية مذهلة على تنقية نفسه بمجرد التوقف عن إمداده بالسموم. يكمن الحل الجذري في تعديل النمط الغذائي عبر استبدال المنتجات المعلبة بالأطعمة الطازجة، والتركيز على تناول الخضروات الورقية، وشرب كميات وفيرة من الماء، مع ضرورة الانتباه وقراءة مكونات المنتجات الغذائية بعناية قبل شرائها.
التعليقات