قرر المدير الرياضي لنادي الزمالك، جون إدوارد، الخروج عن صمته لوضع النقاط على الحروف ومصارحة الجماهير البيضاء بحقيقة الأوضاع الحرجة التي يمر بها فريق الكرة، مؤكداً أن قبوله لهذه المهمة نابع من ارتباط وجداني عميق بهذا الكيان العريق، بعيداً عن أي تطلعات مادية أو سعي للمناصب، إلا أنه أدرك منذ اللحظة الأولى أن العاطفة وحدها لا تكفي لإدارة منظومة احترافية ما لم تتوفر الأدوات والإمكانات التي توازي طموحات الجماهير.
لقد آثرت الإدارة الرياضية التزام الهدوء والعمل في صمت طوال الفترة الماضية، أملاً في حدوث انفراجة تحفظ استقرار النادي وتجنب الجماهير مشاعر الإحباط، ولكن مع تعقد المشهد وتزايد الضغوط، باتت المكاشفة ضرورة حتمية. لقد تم بناء الاستراتيجية الرياضية استناداً إلى تعهدات مالية واضحة ومحددة تهدف لضمان الاستقرار المالي والفني، حيث كانت الخطة تعتمد على توفير ميزانية ضخمة تقدر بنحو 700 مليون جنيه لتطوير القطاع وسداد المستحقات وإبرام التعاقدات، مع وعود بضخ دفعة مقدمة كبيرة لإنعاش الخزينة فور البدء في العمل.
غير أن الواقع جاء مخيباً للآمال وصادماً لكل التوقعات، إذ تقلصت الوعود المالية بشكل كبير، وما تم توفيره فعلياً لم يتجاوز مبالغ محدودة تم تجميعها بشق الأنفس عبر سلف شخصية ومساهمات من رجال أعمال وموارد ذاتية من النادي، وقد استُنزفت هذه الأموال بالكامل في “إطفاء الحرائق” العاجلة مثل سداد الديون القديمة للاعبين وحل أزمات القيد، ليجد القائمون على الفريق أنفسهم أمام سياسة الأمر الواقع والمطالبة بتدبير شؤونهم بأنفسهم دون غطاء مالي حقيقي.
وفي سياق متصل، تبخرت وعود أخرى بدعم خارجي كان من المفترض أن يغطي جانباً كبيراً من العجز، حيث لم يصل منها سوى الفتات الذي لا يسمن ولا يغني من جوع في ظل الالتزامات الضخمة. ورغم أنني أعمل بشكل تطوعي كامل وساهمت شخصياً في توفير جزء من الموارد المالية ضمن خطة طويلة الأمد، إلا أننا وصلنا إلى منعطف خطير لا يمكن معه القبول باستمرار الوضع الحالي أو التفريط في ركائز الفريق الأساسية، فالزمالك لا يستحق أن يدار بالمسكنات أو الحلول الترقيعية.
إن الفريق الآن، بما يضمه من لاعبين وجهاز فني وإداري، يقدم نموذجاً استثنائياً في الصبر والتحمل والاحترافية رغم غياب الإمكانيات وتأخر المستحقات، ولكن لا يمكن خوض المعارك بلا سلاح إلى ما لا نهاية. لذا، فإن الرسالة الموجهة لكافة المسؤولين واضحة وصريحة: النادي بحاجة إلى تدخل فوري وحلول جذرية على أرض الواقع بعيداً عن الوعود المؤجلة، لإنقاذ فريق الكرة من انهيار وشيك قد يحدث في أي لحظة بسبب تراكم الديون والحصار المالي الخانق.
التعليقات