مع حلول الأجواء الباردة وتفضيل الغالبية العظمى من الناس المكوث داخل منازلهم التماسًا للدفء، تبدأ مجموعة من الأعراض الصحية المزعجة في الظهور، مثل نوبات العطس المتلاحقة، وصعوبة التنفس من الأنف، أو شعور بحكة مستمرة. وبينما يسارع الكثيرون إلى تفسير هذه العلامات على أنها إصابة بنزلة برد موسمية معتادة، ينبه المختصون إلى أن الأمر قد يتعلق في الحقيقة بما يعرف بـ “حساسية الشتاء”. هذه الحالة تختلف جذريًا عن العدوى الفيروسية، سواء من حيث العوامل المسببة لها أو الفترة الزمنية التي تستغرقها، فضلاً عن تأثيرها المباشر على راحة الشخص ونشاطه اليومي. وفي هذا الإطار، تؤكد الدكتورة بروندا إم إس، الاستشارية في الطب الباطني بمستشفى أستر سي إم آي في بنغالورو، أن هذه الحساسية أكثر شيوعًا مما يتصور البعض، مشيرة إلى أن مسبباتها تكمن عادة في البيئة الداخلية للمنزل المغلق وليس في الهواء الطلق.
تتقاطع أعراض هذه الحساسية بشكل كبير مع علامات الزكام، لكن الفارق الجوهري يكمن في “الاستمرارية”؛ فبينما تتلاشى نزلات البرد خلال أسبوع تقريبًا، تظل أعراض الحساسية ملازمة للمريض لأسابيع أو حتى أشهر. ومن أبرز هذه العلامات سيلان الأنف أو احتقانه الذي لا يهدأ، بالإضافة إلى نوبات عطس تشتد وتيرتها خاصة في الصباح الباكر أو بعد القيام بأعمال التنظيف المنزلي. كما يمتد التأثير ليشمل العينين، حيث يؤدي انحباس الهواء وتراكم مسببات التحسس مثل عث الغبار، والعفن، ووبر الحيوانات الأليفة داخل الغرف مغلقة النوافذ، إلى تهيج العينين واحمرارهما وسيلان الدموع بغزارة، وهو ما يميز الحساسية عن مجرد الإصابة بالبرد.
ولا تتوقف التأثيرات عند هذا الحد، إذ قد يعاني المصاب من شعور بالجفاف أو الوخز في الحلق، خصوصًا عند الاستيقاظ من النوم، وهو ما تفسره الدكتورة بروندا بأنه نتيجة لتسرب الإفرازات الأنفية إلى الحلق الخلفي. وقد يتطور الأمر إلى سعال يشتد ليلاً ويكون مصحوبًا ببلغم، مما يشير بوضوح إلى وجود حساسية وليس التهابًا في الجهاز التنفسي. وإلى جانب الأعراض التنفسية، قد يلاحظ البعض تغيرات جلدية غير متوقعة نتيجة جفاف الهواء والمثيرات الداخلية، مثل جفاف البشرة الشديد، والحكة، أو تهيج الأكزيما لدى المعرضين لها. وتكتمل الصورة بظهور صداع مزعج وضغط مؤلم حول العينين والوجنتين ناتج عن انسداد الجيوب الأنفية، مما يؤثر سلبًا على الحالة المزاجية والقدرة على التركيز. لذا، يشدد الأطباء على أهمية مراقبة طول مدة الأعراض، باعتبارها المؤشر الأهم للتمييز بين البرد العابر وحساسية الشتاء، مما يستدعي استشارة طبية لتحديد العلاج الأمثل.
التعليقات