مع تزايد أعباء الحياة وتسارع وتيرتها، ومع وقوفنا على أعتاب عام 2026، تميل الكثير من البيوت إلى استبدال مظاهر الصخب والاحتفالات المكلفة بأجواء أكثر حميمية وبساطة؛ رغبةً في التخفيف من الضغوط المادية والنفسية والبحث عن الراحة في كنف العائلة. وفي هذا السياق، يرى الدكتور أحمد أمين، المتخصص في العلاقات الإنسانية، أن جوهر الاحتفال الحقيقي يكمن في عمق التواصل لا في ضخامة الحدث، مشيرًا إلى أن اللحظات الهادئة التي تجمع أفراد الأسرة قد تترك أثرًا يفوق بكثير أي تجمعات صاخبة أخرى.
ويؤكد خبير العلاقات الإنسانية أن استثمار هذه المناسبة لفتح قنوات حوار دافئة بين أفراد البيت الواحد يعد خطوة جوهرية؛ فمجرد الجلوس سويًا واسترجاع شريط ذكريات العام المنصرم، بما حمله من إنجازات صغيرة أو عقبات تم تجاوزها، يساهم في إذابة الجليد وتصفية النفوس من أي رواسب سلبية، مما يخلق وعيًا مشتركًا ويؤسس لبداية نفسية صحية مع العام الجديد. ومن الأنشطة المحفزة التي يمكن القيام بها، تدوين الطموحات والأحلام المرجوة لعام 2026 على أوراق يحتفظ بها الجميع، لتكون بمثابة خارطة طريق شخصية ومحفز دائم، مع إمكانية مراجعتها لاحقًا لقياس مدى التطور الذي طرأ على حياة كل فرد.
ولا تكتمل هذه الأجواء دون لمسات المشاركة الفعلية، حيث يمكن للعائلة تحضير وجبة عشاء مفضلة بتعاون الجميع، كبارًا وصغارًا، بعيدًا عن تكاليف الولائم الباهظة، مما يعزز روح الفريق ويخلد ذكريات لا تمحى في ذاكرة الأطفال. ولضمان الاستمتاع الكامل بهذه اللحظات، يُنصح بالانفصال التام عن العالم الرقمي بإغلاق الهواتف وشاشات التلفاز، واستبدالها بنشاطات تفاعلية حية، كالألعاب الجماعية، أو قراءة القصص، أو مشاهدة فيلم عائلي هادف، مما يعيد للروابط الإنسانية حرارتها المفقودة في زحمة التكنولوجيا.
وإلى جانب ذلك، تلعب اللفتات العاطفية دورًا كبيرًا في توطيد العلاقات، حيث يمكن تبادل بطاقات صغيرة تحمل عبارات الامتنان والود، لتعزيز الثقة بالنفس وشعور كل فرد بقيمته لدى الآخرين. كما تفضل بعض الأسر استقبال اللحظات الأولى من السنة الجديدة في حالة من السكينة والتأمل أو الدعاء، لمنح النفس استراحة محارب وإعادة شحن الطاقات الروحية. وإن أتيحت الفرصة، فإن المشي قليلًا في الهواء الطلق سواء ليلة رأس السنة أو في صباح اليوم الأول، يجدد النشاط ويحسن المزاج العام. وفي الختام، يشدد الدكتور أمين على أن معيار نجاح الاحتفال ليس بالزينة البراقة، بل بصدق المشاعر ولمة العائلة التي تعد بحد ذاتها أعظم بداية لعام مفعم بالأمل والمحبة.
التعليقات