قد يباغت البعض شعور مفاجئ باهتزاز في اليدين، وهو أمر قد يبدو للوهلة الأولى مجرد عرض عابر ناتج عن الإجهاد اليومي أو الضغوط النفسية، إلا أن هذا الارتجاف اللاإرادي قد يحمل في طياته دلالات صحية أعمق مما يبدو عليه الظاهر. وتشير الدكتورة إسراء عبد الفتاح، المتخصصة في طب المخ والأعصاب، إلى أن هذه الرجفة قد تظهر سواء كانت اليد في وضع السكون والاسترخاء أو أثناء محاولة تأدية مهام دقيقة كالكتابة أو حمل الأكواب، وغالباً ما تكون غير مؤلمة، مما يدفع الكثيرين لتجاهلها، خاصة إذا كانت تظهر وتختفي بشكل متقطع. وفي كثير من الأحيان، تكون هذه الظاهرة مجرد رد فعل فسيولوجي طبيعي للجسم تجاه مؤثرات معينة، مثل الإفراط في تناول المنبهات ومشروبات الكافيين التي تزيد من استثارية الأعصاب، أو نتيجة لانخفاض مستويات الجلوكوز في الدم مما يحفز الأدرينالين، أو حتى كاستجابة مباشرة لحالات الخوف والقلق الشديد التي تضع الجهاز العصبي في حالة تأهب قصوى.

ومع ذلك، يتحول الأمر من مجرد عارض بسيط إلى مؤشر يستوجب الحذر إذا ما اتخذت هذه الرعشة طابعاً مستمراً أو بدأت تتفاقم مع مرور الوقت، حيث يمكن أن تكون انعكاساً لمشكلات طبية تتفاوت في خطورتها. فقد تكون هذه الاهتزازات علامة على اضطرابات مثل “الرعاش الأساسي”، الذي يبرز بوضوح عند الحركة والقيام بالأنشطة اليدوية، وقد يلعب العامل الوراثي دوراً كبيراً في ظهوره. وفي سياق أكثر جدية، قد يُنذر ارتجاف اليد – وتحديداً عندما تكون في وضع الراحة – بوجود خلل بيولوجي عصبي مثل مرض باركنسون الناتج عن تراجع خلايا الدوبامين، وغالباً ما يسبق ظهور أعراض حركية أخرى كتيبس العضلات. كما لا يمكن إغفال تأثير الاضطرابات الهرمونية؛ ففرط نشاط الغدة الدرقية يؤدي لتسارع العمليات الحيوية وظهور رعشة ملحوظة، ناهيك عن احتمالية ارتباط الأمر بضعف كفاءة أعضاء حيوية كالكبد والكلى، حيث تأتي الرعشة مصحوبة بأعراض تسممية أخرى كاصفرار الجلد وتغير لون البول.

لذا، يصبح التدخل الطبي الفوري أمراً حتمياً عند مصاحبة رجفة اليد لعلامات تحذيرية أخرى، مثل الشعور بضعف عضلي مفاجئ، أو العجز عن التحكم بالأشياء، أو حدوث اختلال في التوازن أثناء المشي، أو حتى ظهور مشكلات بصرية وصداع حاد وتنميل. ويعتمد الأطباء في تشخيص الحالة على دراسة التاريخ الصحي وإجراء فحوصات عصبية دقيقة، مدعومة بتحاليل مخبرية وتصوير إشعاعي للدماغ لاستبعاد أمراض مثل التصلب المتعدد أو تلف الأعصاب. أما إذا أظهرت الفحوصات أن الرعشة ناتجة عن أسباب عرضية بسيطة، فيكمن الحل عادةً في تعديل نمط الحياة ليكون أكثر صحة، عبر تقليل المحفزات العصبية، وضبط مستويات السكر، والحصول على قسط كافٍ من النوم والراحة النفسية.