لقد تزايد الاهتمام في الآونة الأخيرة بمدى فعالية القرفة كوسيلة مساعدة للتخلص من الوزن الزائد، حيث يُعتقد أن لها دوراً محورياً في التأثير على العمليات الحيوية داخل الجسم. فبدلاً من السماح بامتصاص السكر بسرعة في مجرى الدم عقب تناول الوجبات المليئة بالنشويات، تعمل مركبات هذا التابل على كبح نشاط بعض الإنزيمات الهضمية، مما يؤدي إلى إبطاء وتيرة الامتصاص، وهو ما يجعلها خياراً واعداً ليس فقط لضبط مستويات السكر، بل ولتعزيز جهود التنحيف.
وبالنظر إلى خصائصها الغذائية، تبرز القرفة كعنصر غني بالألياف الطبيعية التي تلعب دوراً أساسياً في كبح الشهية ومنح شعور طويل بالامتلاء، مما يقلل من النهم المستمر تجاه الطعام. وإلى جانب ذلك، فإن استهلاكها يحفز الجسم على بذل طاقة إضافية ومعقدة لهضمها، ما يرفع من معدل الحرق ويعزز كفاءة عملية الأيض، وكأن الجسم يقوم بنشاط داخلي مكثف لمعالجتها مقارنة بالأطعمة الأخرى.
وتشير المعطيات العلمية إلى أن القرفة قد تؤدي وظيفة بيولوجية تحاكي عمل هرمون الأنسولين فيما يخص تكسير السكريات، مع تركيز خاص واستهداف للدهون العنيدة المتراكمة في منطقة الخصر. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تمتد فوائد المكملات المستخلصة منها لتشمل تحسين المؤشرات الحيوية المرتبطة بمتلازمة التمثيل الغذائي بشكل شامل، بما في ذلك ضبط ضغط الدم، وتحسين مستويات الكوليسترول، وتقليل مقاومة الأنسولين ومخاطر التجلط، وهي جميعها عوامل تتلازم عادة مع حالات السمنة وزيادة الوزن.
وقد أرجعت الأبحاث المخبرية هذا المفعول السحري إلى مادة “سينامالدهيد”، وهي الزيت العطري المسؤول عن النكهة المميزة للقرفة؛ حيث لوحظ في تجارب أجريت على القوارض أن تلك التي خضعت لنظام غذائي دسم مدعوم بالقرفة، سجلت انخفاضاً ملموساً في الوزن ودهون البطن مقارنة بغيرها. ورغم أن هذه النتائج تبشر بقدرة القرفة على تقليل الاستهلاك الغذائي ومنع اكتساب الوزن، إلا أن العلماء يؤكدون على ضرورة التريث، حيث لا يزال التأكد من تطابق هذه النتائج بنفس الكفاءة عند البشر أمراً قيد البحث.
وفي ختام هذا السياق، يجب التنويه بضرورة الحذر وعدم الانجراف وراء هذه الاتجاهات دون وعي طبي؛ فاستهلاك القرفة بكميات مركزة بغرض العلاج قد يحمل مخاطر جدية لفئات محددة، مثل النساء الحوامل، أو الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في المعدة، وكذلك المرضى الملتزمين بأدوية مزمنة. لذا، تظل استشارة الطبيب المختص خطوة لا غنى عنها لتجنب أي تداخلات دوائية أو مضاعفات صحية قد تكون خطيرة.
التعليقات