في حديثه عن الطبيعة الحية لكوكبنا، أشار الخبير الجيولوجي الدكتور عبدالعزيز بن لعبون إلى أن القشرة الأرضية في حالة ترحال دائم لا يتوقف، مما يجعل المواقع الجغرافية والظروف المناخية في تبدل مستمر عبر العصور. وضمن هذا السياق، أوضح أن شبه الجزيرة العربية ليست ثابتة في مكانها، بل تخوض رحلة جيولوجية طويلة تتجه فيها ببطء نحو القطب الشمالي، وهو مسار يمتد لملايين السنين ويعكس حيوية الأرض وتغير تضاريسها.

وبالعودة إلى السجل التاريخي العميق للمنطقة، نجد أن هذه الرقعة الجغرافية لم تكن دائمًا حبيسة موقعها الحالي عند مدار السرطان؛ فقد خاضت رحلات طويلة مرت خلالها بخط الاستواء، بل واقتربت في حقب غابرة من القارة المتجمدة الجنوبية. وفي تلك الأزمنة السحيقة، كست الثلوج والطبقات الجليدية الكثيفة أراضي الجزيرة العربية، قبل أن تعاود التحرك لتدخل في حقب مناخية أكثر دفئًا، سمحت بازدهار الغطاء النباتي وظهور الغابات الكثيفة نتيجة لتلك التقلبات البيئية الكبرى.

وعن التوقعات المستقبلية لشكل المنطقة، تشير الدلائل العلمية إلى تحولات جذرية في الخارطة الطبيعية؛ إذ يُتوقع أن يتسع البحر الأحمر ليتحول إلى محيط شاسع، في حين قد يختفي الخليج العربي ليحل محله سلاسل جبلية شاهقة في الأجزاء الشرقية. ورغم أن هذه التغيرات الهائلة تتطلب مدى زمنيًا يقارب الخمسين مليون سنة -وهي فترة وجيزة بمقاييس الزمن الجيولوجي- إلا أن المؤشرات تؤكد أن المنطقة موعودة بمستقبل يختلف كليًا عن حاضرها الجاف.

وفيما يخص التغيرات المناخية الأقرب حدوثًا، لفت بن لعبون إلى أن عودة الأنهار والمروج الخضراء قد لا تستغرق دهورًا طويلة، بل يمكن أن تحدث بشكل مفاجئ خلال سنوات معدودة. ويعزى ذلك إلى احتمالية وقوع كوارث طبيعية، مثل الانفجارات البركانية العظيمة التي قد تحجب أشعة الشمس، مما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة ودخول الأرض في عصر جليدي مؤقت؛ وهو ما سيجلب معه أمطارًا غزيرة تعيد جريان الأنهار وتكسو الأرض بالنباتات من جديد.