يواجه الكثيرون معضلة محيرة تتمثل في زيادة الوزن أو ثباته رغم التزامهم بأنظمة غذائية صارمة، وهي مشكلة صحية لا تقتصر على فئة عمرية محددة وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة إذا لم يتم تداركها. الحقيقة أن هناك عوامل خفية قد لا تخطر على البال تقف وراء هذا اللغز وتتجاوز مجرد حساب السعرات الحرارية، ومن أبرزها التغيرات الفسيولوجية الكبرى مثل مرحلة الأمومة؛ حيث تكتسب النساء وزناً طبيعياً أثناء فترة الحمل، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في صعوبة العودة للوزن السابق بعد الولادة، مما قد يحول الأمر إلى سمنة دائمة لدى البعض.

وفي سياق متصل بالتغيرات الحياتية، قد يؤدي التخلي عن عادة التدخين إلى نتيجة مشابهة، حيث يلجأ البعض لا شعورياً إلى الطعام كبديل للتعامل مع أعراض الانسحاب، ورغم أن هذا قد يسبب زيادة ملحوظة في الوزن تصل أحياناً لدرجة السمنة، إلا أن المكاسب الصحية لترك التدخين تظل الأهم وتفوق أي أضرار جانبية، خاصة وأنه يمكن السيطرة على هذا الوزن الزائد بمساعدة المتخصصين في الرعاية الصحية لضمان عبور هذه المرحلة بسلام.

علاوة على ذلك، يلعب نمط الحياة اليومي والحالة النفسية دوراً محورياً في هذه المعادلة؛ فالميزان الهرموني للجسم يتأثر بشدة بجودة النوم، إذ يؤدي عدم الحصول على قسط كافٍ من الراحة -أو حتى النوم المفرط- إلى تحفيز الشهية وزيادة الرغبة النهمة في تناول الأطعمة الدسمة والنشويات. ويتقاطع هذا بشكل مباشر مع عامل التوتر والضغوط النفسية، إذ يميل الإنسان تحت وطأة القلق والمشكلات الحياتية إلى البحث عن الراحة وتعديل المزاج من خلال استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية. وأخيراً، لا يجب إغفال البيئة الداخلية للجهاز الهضمي، حيث تتأثر البكتيريا المعوية بنوعية الغذاء المتناول، وقد يكون التوازن البكتيري غير السليم هو السبب الخفي وراء تراكم الدهون أو مقاومة الجسم لمحاولات التنحيف المستمرة.