تُخفي الطبيعة في طياتها حلولًا علاجية مذهلة قد يغفل عنها الكثيرون، وتأتي ثمرة الرمان في مقدمة هذه الكنوز الطبيعية لما تتمتع به من خصائص وقائية وعلاجية فريدة، لا سيما في مواجهة الأورام الخبيثة، حيث تشير الأبحاث إلى دورها الفعال في التصدي لسرطانات البروستاتا والرئة والثدي، مما يجعلها سلاحًا غذائيًا قويًا يتجاوز كونها مجرد فاكهة لذيزة الطعم.

تكمن القوة الكامنة في الرمان داخل مركباته النشطة بيولوجيًا، وتحديدًا البوليفينول، التي أثبتت الدراسات قدرتها الفائقة على محاربة الخلايا السرطانية من خلال استراتيجية ثلاثية الأبعاد؛ فهي تعمل على كبح تكاثر الخلايا الورمية، وتحفز آلية التدمير الذاتي أو ما يُعرف بالموت الخلوي المبرمج، بالإضافة إلى دورها الحيوي في إخماد الالتهابات التي تغذي السرطان، وبذلك يوفر الرمان حماية شاملة تعيق انتشار المرض وتعزز مقاومة الجسم له.

وفي سياق الأدلة العلمية الموثقة، سلطت دراسة أجرتها جامعة ألباني عام 2014 الضوء على قدرة مستخلصات الرمان في كبح جماح سرطان الثدي، وتحديدًا منع انتشار خلايا “MCF-7″، بينما برزت فعالية عصير الرمان بشكل استثنائي في تجارب سريرية استهدفت سرطان البروستاتا عام 2006، حيث خضع رجال ممن أجروا جراحات أو علاجًا إشعاعيًا لتجربة استهلاك كوب يومي من العصير، وكانت النتيجة تحسنًا ملحوظًا في المؤشرات الحيوية للمرض.

ويرتبط هذا التحسن بمؤشر حيوي يُعرف بمستضد البروستاتا النوعي (PSA)، حيث يعد الوقت الذي يستغرقه هذا المؤشر ليتضاعف معيارًا حاسمًا في تحديد خطورة المرض ومتوسط العمر المتوقع للمريض وفقًا لأبحاث طبية من جامعة هارفارد؛ فكلما طالت المدة اللازمة لتضاعف النسبة، كان التشخيص الطبي أكثر تفاؤلاً، وهو ما نجح الرمان في تحقيقه فعليًا، وقد تعززت هذه النتائج بدراسات مخبرية لاحقة عام 2012 أكدت أن مستخلص الرمان يضعف قدرة خلايا البروستاتا الخبيثة على النمو، مما يرسخ مكانته كغذاء وظيفي مكافح للسرطان.