مع تصاعد المؤشرات العالمية التي ترصد تزايد حالات أورام القولون والمستقيم، بات من الضروري رفع مستوى الوعي حول الإشارات الجسدية التي قد تسبق تفاقم الحالة، حيث يشدد الخبراء على أهمية الاستماع الجيد لنداءات الجسد الخفية التي قد تبدو للوهلة الأولى عادية أو غير مثيرة للقلق. وتتمثل أولى هذه العلامات في حدوث اضطراب غير مألوف في إيقاع الجهاز الهضمي، كأن يلاحظ الشخص تبدلاً جذرياً في طبيعة الإخراج، سواء بحدوث نوبات إسهال أو إمساك متكررة، أو حتى تغير في هيئة الفضلات لتصبح أدق حجماً من المعتاد، بالإضافة إلى ظهور نزيف قد يتفاوت لونه بين الأحمر القاني والداكن، وأحياناً لا يُرى بالعين المجردة بل يُكتشف عبر التحاليل المخبرية.

ولا تقتصر المؤشرات على ذلك فحسب، بل قد يختبر الفرد شعوراً مزمناً بعدم الارتياح في منطقة البطن، يتجلى في صورة تقلصات مؤلمة، وغازات مستمرة، أو إحساس دائم بالحاجة لقضاء الحاجة دون الشعور بالإفراغ الكامل للأمعاء. ويتزامن ذلك غالباً مع حالة من الوهن العام واستنزاف الطاقة دون بذل مجهود يذكر، وهو ما قد يكون نتاجاً لفقر الدم المترتب على النزيف الداخلي المستمر، إلى جانب ملاحظة انخفاض مفاجئ ومجهول السبب في وزن الجسم دون وجود نية مسبقة للتخسيس أو إجراء أي تعديل في النمط الغذائي والرياضي.

ومن الزاوية الطبية، يحذر المتخصصون من أن المراحل المبكرة لهذا المرض قد تتسم بالصمت المطبق ولا تظهر فيها أية دلالات واضحة، مما يعزز أهمية الفحوصات الدورية المسبقة مثل المناظير للكشف عن أي تغيرات قبل تحولها لمرض عضال. ورغم أن الأعراض المذكورة قد تتشابه بشكل كبير وتتداخل مع مشكلات صحية أقل خطورة وشائعة كالتهابات الأمعاء أو البواسير، إلا أن المعيار الفاصل يكمن في الاستمرارية؛ فبقاء هذه الشكاوى لعدة أسابيع أو تفاقم حدتها مع مرور الوقت يوجب التوجه الفوري للمختصين لإجراء التقييم الطبي الدقيق، وعدم الركون إلى الاطمئنان الزائف حتى وإن كانت الآلام محتملة أو خفيفة.