تعتبر فترة انتظار المولود الجديد محطة مفصلية في رحلة المرأة، وتستوجب هذه المرحلة اهتماماً استثنائياً يجمع بين الرعاية الجسدية والاستقرار النفسي، نظراً للارتباط الوثيق بين عافية الأم وسلامة تكوين جنينها. وفي هذا السياق، يشير الدكتور معتز القيعي، المتخصص في اللياقة البدنية والتغذية العلاجية، إلى أن تبني نمط حياة صحي منذ اللحظات الأولى للحمل يشكل درعاً واقياً ضد المخاطر ويمهد الطريق لولادة ميسرة وآمنة.
ويرتكز هذا النمط الصحي بشكل أساسي على التغذية المتوازنة التي تمد الجسم باحتياجاته الضرورية، حيث يُنصح بالتركيز على المصادر الطبيعية مثل الفواكه والخضروات لضمان الحصول على الفيتامينات، إلى جانب دمج البروتينات المتنوعة كمنتجات الألبان والبيض واللحوم ضمن الوجبات اليومية. كما يُفضل الاعتماد على الكربوهيدرات الصحية باعتدال، مع ضرورة الالتزام بشرب كميات وفيرة من الماء لتجنب الجفاف ومشاكل الهضم، بالتزامن مع التقليل قدر الإمكان من المنبهات والأطعمة الجاهزة غير المفيدة.
ولا تقتصر العناية بالحامل على الغذاء فحسب، بل تمتد لتشمل المتابعة الطبية المستمرة التي لا يمكن الاستغناء عنها؛ فزيارة الطبيب بانتظام تتيح مراقبة تطور الجنين والاطمئنان على مؤشراته الحيوية، مما يسمح بالتدخل المبكر عند رصد أي تغيرات غير مألوفة. وتتضمن هذه المتابعة إجراء فحوصات دورية للدم وقياس مستويات السكر والضغط، وهو ما يمنح الأم شعوراً بالطمأنينة ويقلل من احتمالية حدوث مضاعفات مفاجئة.
وعلى صعيد النشاط الحركي، يُخطئ البعض باعتقادهم أن الحمل يتطلب الخمول التام، إذ يؤكد الخبراء أن الحركة الخفيفة والمدروسة تعود بنفع كبير على الأم. فالتمارين البسيطة كالمشي، بعد أخذ المشورة الطبية، تساهم في تنشيط الدورة الدموية وتخفيف حدة آلام الظهر والتقلصات العضلية، فضلاً عن دورها في تحسين المزاج وتخفيف التوتر، شريطة عدم الإفراط في المجهود البدني.
وبالتوازي مع النشاط البدني، يحتاج جسم الحامل إلى فترات كافية من الراحة والنوم الجيد لضبط التوازن الهرموني والتغلب على الإجهاد المستمر. وهنا يبرز الدور الحيوي للدعم المعنوي من قبل الشريك والعائلة، حيث يساعد الاحتواء العاطفي في تبديد مشاعر القلق والخوف التي قد تصاحب هذه الفترة، مما ينعكس إيجاباً على الحالة النفسية العامة للأم.
وفي المقابل، يتوجب على الحامل توخي الحذر الشديد والابتعاد عن كافة الممارسات التي قد تهدد سلامة الحمل، وفي مقدمتها التدخين والمشروبات الكحولية، أو التعرض للملوثة البيئية والمواد الكيميائية. كما يُحذر الأطباء بشدة من تناول أي عقاقير طبية دون وصفة مختصة، لتفادي أي تأثيرات سلبية قد تطال الجنين وتؤدي إلى تشوهات أو مشكلات صحية معقدة.
وخلاصة القول، إن العبور الآمن لهذه المرحلة يتطلب وعياً متكاملاً والتزاماً بأساسيات الرعاية الصحية والنفسية، فالاعتناء بالأم لنفسها هو في الحقيقة أثمن هدية تقدمها لطفلها القادم قبل أن يخرج إلى النور.
التعليقات