لطالما اقترن اسم المنتخب المصري بالريادة والزعامة في القارة السمراء، حيث لم يكتفِ الفراعنة بتحقيق الأرقام القياسية وحصد اللقب سبع مرات فحسب، بل تميزوا عبر العصور بظاهرة “الثنائيات” الكروية الناجحة، تلك الشراكات الميدانية التي جمعت بين نجوم الفريق وخلقت كيمياء خاصة أرهقت الخصوم وساهمت في كتابة تاريخ عريض من الإنجازات الجماعية والفردية.
وفي المشهد الحالي للبطولة المقامة في المغرب، برزت ثنائية واعدة أعادت للأذهان أمجاد الماضي، بطلاها محمد صلاح وعمر مرموش، اللذان تحملا مسؤولية القيادة في لحظات الحسم، ونجحا في قهر الصعاب خلال المباراة الافتتاحية أمام زيمبابوي، ليقودا الفراعنة لانتصار شاق ومهم بهدفين لهدف، معلنين عن انضمامهما لسلسلة الثنائيات التاريخية التي طالما زينت صفوف المنتخب، وهو ما يعيدنا بالذاكرة قليلاً إلى الوراء، وتحديداً إلى رحلة الصعود لمونديال روسيا 2018، حين شكل التفاهم الكبير بين محمد صلاح وعبد الله السعيد مفتاحاً سحرياً لفك شفرات المنافسين، بفضل التمريرات الحاسمة من السعيد التي كانت تجد طريقها دائماً إلى انطلاقات صلاح السريعة وأهدافه المؤثرة.
وبالعودة إلى حقبة التسعينات وبداية الألفية، لا يمكن لذاكرة الجماهير أن تنسى ذلك التناغم المذهل بين “الثعلب” حازم إمام و”العميد” حسام حسن، وهو التفاهم الذي خلدته تعليقات المعلقين، خاصة في هدف مصر الرائع بمرمى بوركينا فاسو في نصف نهائي 1998، ولم يقتصر سحر هذا الثنائي على المنتخب فحسب، بل امتد ليجلب البطولات لنادي الزمالك، وعلى رأسها دوري أبطال أفريقيا 2002. وفي سياق السيطرة على وسط الملعب، برزت في العصر الذهبي للفراعنة شراكة من نوع خاص بين “الصقر” أحمد حسن وحسني عبد ربه، حيث تمكن هذا الثنائي من ضبط إيقاع اللعب ببراعة فائقة ساهمت في التتويج بثلاثية أفريقية متتالية، وتوجت مجهوداتهما بحصول كل منهما على لقب أفضل لاعب في البطولة بنسختي 2006 و2008 على التوالي.
وعلى الصعيد الهجومي في تلك الفترة الذهبية، لمع نجم الثنائي عماد متعب وعمرو زكي، اللذين بدأت شراكتهما منذ مرحلة الشباب وتتويجهما بلقب أفريقيا 2003، ليستمر هذا التألق وصولاً للمنتخب الأول، حيث كانا ركيزتين أساسيتين في حملتي التتويج القاري عامي 2006 و2008. أما على الجانب الدفاعي، فقد شكل هاني رمزي وهشام يكن حائط صد منيع أمام عمالقة العالم في مونديال إيطاليا 1990، حيث قدما أداءً بطولياً أمام منتخبات بحجم هولندا وإنجلترا وأيرلندا، ورغم الخروج من الدور الأول، إلا أن صلابتهما كانت حديث الجميع بعد غياب طويل لمصر عن المونديال. واكتملت لوحة جيل التسعينات بوجود ثنائية وسط الملعب التي جمعت بين مهارة إسماعيل يوسف وقوة ولياقة مجدي عبد الغني، صاحب الهدف المونديالي الشهير الذي ظل محفوراً في الأذهان لعقود طويلة قبل أن يجدد صلاح العهد في مونديال روسيا.
التعليقات