مع حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يتجدد الحنين إلى الأطعمة والمشروبات التي تبعث الدفء في الأوصال، ولعل “حمص الشام” أو ما يُعرف بـ”الحلبسة” هو الرفيق الأمثل لليالي البرد القارسة. يرتبط هذا المشروب الساخن في ذاكرتنا الجماعية بنزهات الكورنيش وعربات الشارع البسيطة التي تقدمه بنكهته الحريفة والمميزة، إلا أنه يمكن إعداده في المنزل بمهارة تضاهي، بل وتتفوق على تلك التي نشتريها، للحصول على كوب مثالي يجمع العائلة.

للبدء في تحضير الوصفة التقليدية التي تشبه نكهة العربات، يتم وضع حبوب الحمص في وعاء واسع وغمرها بالماء، ثم تُرفع على نار متوسطة لتغلي ببطء حتى تنضج وتصبح الحبات طرية، وهي عملية قد تستغرق ما بين ساعة إلى ساعة ونصف، مع ضرورة مراقبة الوعاء لإزالة أي رغوة بيضاء قد تطفو على السطح. بمجرد التأكد من نضج الحمص، تُضاف المنكهات الطبيعية المتمثلة في قطع صغيرة من البصل والطماطم ومهروس الثوم، ثم يُعزز المذاق بإضافة الكمون الذي يعد سر النكهة، والملح، والشطة الحارة حسب الرغبة. يُترك المزيج ليغلي معًا لدقائق معدودة حتى تتجانس المكونات، ثم يُسكب في الأكواب ويُضاف إليه عصير الليمون الطازج عند التقديم لإضفاء لمسة حمضية منعشة.

وهناك أسلوب آخر مميز لتحضير هذا الطبق يعتمد على خطوات إضافية لتعزيز النكهة، يبدأ بنقع الحمص في الماء لمدة طويلة لا تقل عن اثنتي عشرة ساعة وتصفيته جيدًا قبل البدء في طهيه. بعد سلق الحمص في ماء غزير لمدة تتراوح بين ساعة وساعة ونصف حتى تمام النضج، يتم تتبيله مباشرة في ماء السلق بالملح والكمون وعصير الليمون، بالإضافة إلى الشطة لمحبي المذاق اللاذع. أما اللمسة السحرية في هذه الطريقة فتكمن في تحضير “طشة” خارجية، حيث يُحمر الثوم المفروم في قليل من الزيت النباتي حتى يكتسب لونًا ذهبيًا ورائحة زكية، ثم يُوزع الحمص في أطباق التقديم ويُزين وجهه بهذا الزيت والثوم المحمر، ويُقدم ساخنًا بجانب شرائح الليمون وربما بعض الخبز، ليمنحك تجربة تذوق غنية ومختلفة.