يشكل الرنين المستمر داخل الأذن تحديًا يتجاوز مجرد كونه مصدر إزعاج صوتي؛ فآثاره تمتد لتعبث باستقرار حياة الفرد، مسببة اضطرابات عميقة في النوم وتشتتًا في الانتباه، ناهيك عن الضغوط النفسية المتزايدة. وفي الحالات المزمنة والشديدة، قد يتطور الأمر ليقود المصاب نحو دوامة من القلق ونوبات الاكتئاب، مما يستدعي البحث عن حلول فعالة تتجاوز المسكنات التقليدية.
وفي هذا السياق، يبرز العلاج بالنغمات كأحد الحلول الجوهرية التي يوصي بها الخبراء؛ حيث تعمل الموسيقى كأداة لتشتيت الدماغ وصرف تركيزه عن الضجيج الداخلي. وتعتمد هذه التقنية على الاستعانة بأصوات الطبيعة الهادئة ذات الإيقاع الرتيب، مثل خرير المياه، أو زقزقة العصافير، أو صوت المطر، وحتى تلاطم أمواج البحر؛ إذ تساهم هذه الخلفيات الصوتية في تعزيز حالة الاسترخاء البدني والذهني، مما يجعل صوت الطنين يتلاشى تدريجيًا من بؤرة الشعور.
وتكتسب هذه الطريقة فاعلية أكبر عند تخصيصها لتلائم طبيعة الصوت الذي يسمعه المريض؛ فالنغمات التي تخفف من حدة الصفير تختلف عن تلك المناسبة للأصوات التي تشبه الأزيز أو الطنين العميق. ويعتمد ذلك على اختيار ترددات صوتية محددة تخلق نوعًا من التوازن والراحة، وهو ما يلمسه الكثيرون بشكل خاص خلال ساعات الليل، حيث تساعدهم هذه الألحان الهادئة على الدخول في النوم بسلام بعيدًا عن إزعاج الصمت.
على النقيض من ذلك، يحذر المتخصصون من الاعتماد على الأصوات الصاخبة أو الإيقاعات العنيفة، لأنها تحفز التوتر وتؤدي لنتائج عكسية تزيد من حدة الطنين. وينطبق هذا التحذير بشكل خاص على استخدام سماعات الرأس بمستويات صوت مرتفعة؛ فعلى الرغم من أنها قد تغطي على الطنين لحظيًا، إلا أنها بمرور الوقت تدمر الخلايا الشعيرية الدقيقة في الأذن، مما يهدد بفقدان السمع والدخول في حلقة مفرغة من تفاقم الطنين.
وبديلًا عن الموسيقى المستمرة، يمكن اللجوء إلى تقنيات “الحجب الصوتي”، وهي عبارة عن أجهزة دقيقة توضع داخل الأذن لتبث ضوضاء بيضاء خافتة تهدف إلى دمج صوت الطنين مع الخلفية الصوتية وجعله أقل وضوحًا. وإلى جانب الحلول الصوتية، يمثل العلاج السلوكي المعرفي حجر الزاوية في التعامل مع الحالات المستعصية؛ حيث ترتكز فلسفته على تغيير رد فعل المريض تجاه الصوت وليس الصوت نفسه، مما يمنحه أدوات للتعايش وتقنيات للسيطرة على انفعالاته، ليعيد إليه الشعور بالأمان والاستقرار النفسي بعيدًا عن الإحباط والعجز.
التعليقات