يواجه الكثيرون تحديات يومية تؤثر على راحة العين وسلامتها، لا سيما مع الانغماس المتزايد في العالم الرقمي والتعرض المستمر للأجواء المكيفة التي تسحب الرطوبة من الجو. ولحسن الحظ، تشير التوصيات الطبية إلى إمكانية التعامل مع حالات نقص رطوبة العين في مراحلها الأولى والمتوسطة بفعالية، من خلال تبني روتين منزلي صحي يعيد للعين حيويتها دون الحاجة الفورية للعقاقير، وذلك عبر تعديل بعض السلوكيات الحياتية.

من أبرز الخطوات الفعالة استخدام الحرارة لتهدئة العين؛ حيث يسهم وضع كمادات دافئة لبضع دقائق يومياً في تحفيز الغدد الزيتية وتسهيل تدفق الدموع الطبيعية، مما يخفف من الشعور بالاحتقان والرغبة في الحكة. وبالتوازي مع ذلك، يلعب الحفاظ على نظافة الجفون دوراً محورياً، إذ يساعد غسلها برفق بالماء الدافئ بانتظام على إزالة الشوائب والبكتيريا ومنع انسداد القنوات الدقيقة المحيطة بالعين، مما يضمن بيئة صحية للعين.

وعلى صعيد السلوكيات اليومية، يتسبب التركيز الطويل في الشاشات بتناقص معدل الرمش لا إرادياً، مما يؤدي إلى جفاف السطح الخارجي للعين. لذا، يُنصح بضرورة أخذ استراحات منتظمة لتطبيق “تمارين الرمش” وإغلاق الجفون للحظات لتجديد الطبقة الدمعية، مع الحرص على تقليص الفترات التي نقضيها أمام الأجهزة الإلكترونية قدر الإمكان، أو اتباع قواعد إراحة النظر لتخفيف الإجهاد البصري الناتج عن التحديق المستمر.

لا يقتصر الأمر على العادات الظاهرية، بل يمتد ليشمل البيئة المحيطة والنظام الغذائي؛ فاستخدام أجهزة لزيادة رطوبة الجو داخل الغرف، خاصة في المواسم الباردة والجافة، يحمي الدموع من التبخر السريع ويقلل من الشعور بالحرقة. كما أن ترطيب الجسم من الداخل عبر شرب الماء والسوائل بوفرة ينعكس إيجاباً وبشكل مباشر على صحة العين، مع أهمية تعزيز المائدة بأطعمة غنية بأحماض “أوميجا-3″، كالمكسرات وبذور الكتان والأسماك الزيتية، لدورها الكبير في تحسين جودة المكونات الدهنية للدموع.

ورغم فاعلية هذه التدابير المنزلية الوقائية، إلا أن هناك مؤشرات تستدعي الحذر وعدم الاكتفاء بالعلاجات الذاتية؛ ففي حال استمرت المشكلة لفترات طويلة دون تحسن، أو رافقتها علامات مقلقة مثل الألم الحاد، أو احمرار العين الذي لا يزول، أو حدوث ضبابية وتشوش في الرؤية، يصبح التوجه لزيارة طبيب العيون خطوة ضرورية وعاجلة لضمان سلامة البصر وتشخيص الحالة بدقة.