يواجه الكثيرون موقفًا محرجًا يتمثل في استمرار انبعاث رائحة غير مستحبة من الفم، بالرغم من حرصهم الشديد على تنظيف أسنانهم واستخدام المطهرات الفموية، مما يوجه أصابع الاتهام نحو الجهاز الهضمي بدلاً من تجويف الفم وحده. تشير المعطيات الطبية إلى أن هذه المشكلة قد تكون عرضًا لاضطرابات صحية أعمق تتطلب حلولًا جذرية؛ فقد يكون المسبب هو الارتجاع المريئي الذي يسمح بصعود العصارة المعدية الحامضية مسببةً طعمًا ورائحة مزعجة، أو نتيجة نشاط “جرثومة المعدة” التي تفرز غازات ذات طبيعة كبريتية، بالإضافة إلى تأثيرات عسر الهضم، أو حتى تباعد فترات الطعام الذي يرفع من حموضة المعدة ويؤثر سلبًا على نقاء النفس.

للتخلص من هذه المشكلة، يؤكد المختصون أن الاعتماد على المعطرات الموضعية ليس حلاً كافيًا، بل يجب استهداف المسبب الرئيسي؛ ففي حالات الارتجاع، يتوجب تعديل النمط الغذائي عبر تناول وجبات صغيرة متفرقة، وتجنب الاستلقاء فور الانتهاء من الطعام، مع التقليل من المأكولات الدسمة والمشروبات الغازية. أما إذا كان السبب عدوى بكتيرية، فإن العلاج يستلزم تشخيصًا دقيقًا يتبعه برنامج دوائي يشمل المضادات الحيوية ومنظمات الحموضة، بالتوازي مع تعزيز صحة الأمعاء من خلال تناول الألياف والبروبيوتيك وشرب كميات وفيرة من الماء، دون إهمال التنظيف العميق للسان والأسنان لتقليل الحمل البكتيري.

وفي الختام، ينصح الخبراء بعدم تجاهل هذه الإشارات، حيث تصبح زيارة الطبيب ضرورة ملحة إذا ظلت الرائحة قائمة رغم كل محاولات العناية الشخصية، خاصة إذا تزامنت مع أعراض أخرى مقلقة مثل آلام المعدة، الغثيان، فقدان الوزن غير المبرر، أو إذا كانت الرائحة ذات طابع كيميائي نفاذ يشبه الأمونيا أو الكبريت، فهذه علامات تستدعي تقييمًا طبيًا شاملاً.