يمثل الوصول إلى عتبة سن الأربعين محطة مفصلية في حياة الرجال، تستوجب تغيير نظرتهم نحو الرعاية الصحية من مجرد خيار رفاهية إلى ضرورة ملحة، وذلك بحسب توصيات الدكتور جاك وولفسون، استشاري طب القلب. فالالتزام بالفحوصات الدورية في هذه المرحلة العمرية يعد حائط صد دفاعي يقي من مخاطر صحية جسيمة، أبرزها النوبات القلبية والسكتات الدماغية، بالإضافة إلى اضطرابات التمثيل الغذائي وحالات الإجهاد المستمر، حيث أثبتت الأبحاث أن المبادرة باكتشاف المشكلات الصحية مبكرًا كفيلة بتغيير مسار حياة الفرد وتجنيبه مضاعفات طويلة الأمد.

وتبدأ رحلة الوقاية من خلال مجموعة من الإجراءات الأساسية، في مقدمتها المراقبة المستمرة لضغط الدم لحماية الأعضاء الحيوية كالدماغ والقلب والكلى، بالتزامن مع إجراء تحاليل الدم الشاملة التي تكشف عن وجود أي التهابات أو مشكلات في التخثر أو فقر دم. كما تبرز أهمية الاطمئنان على كفاءة عمل أجهزة الجسم عبر تحاليل وظائف الأعضاء والتمثيل الغذائي، والتي تقدم دلالات مبكرة حول صحة الكبد والكلى وتوازن الأملاح والسكريات. وفي سياق العناية بصحة القلب، يُنصح بإجراء فحص تكلس الشرايين التاجية لرصد الترسبات قبل ظهور الأعراض، خاصة للأشخاص ذوي المخاطر المتوسطة، إلى جانب تحليل الدهون المتقدم للحصول على تفاصيل دقيقة حول مستويات الكوليسترول الضار.

وعلى صعيد المؤشرات الحيوية الأخرى، قد يتم اللجوء لفحص مؤشرات الالتهاب لتقييم المخاطر القلبية لدى فئات محددة، مع ضرورة التركيز على متابعة مستويات السكر ومقاومة الأنسولين، خصوصًا لمن يتبعون نمط حياة يتسم بقلة الحركة أو لديهم تاريخ عائلي مع المرض. وعند ملاحظة تغيرات مثل التعب الشديد، تقلبات الوزن أو المزاج، أو انخفاض الرغبة الجنسية، يصبح من الضروري فحص وظائف الغدة الدرقية والمستويات الهرمونية، وتحديدًا التستوستيرون.

ولا تكتمل دائرة الوقاية دون التطرق للكشف المبكر عن الأورام، حيث يوصى بفحص سرطان القولون بدءًا من سن الخامسة والأربعين، بينما يخضع فحص البروستاتا للنقاش المباشر مع الطبيب لتقييم الجدوى بناءً على حالة كل شخص. وختامًا، يمكن تعزيز هذه الإجراءات بفحوصات إضافية ترتبط بنمط الحياة، مثل قياس مستويات فيتامين “د” وأحماض “أوميجا-3″، أو إجراء تصوير للشريان السباتي بالموجات فوق الصوتية لمن يواجهون احتمالية مرتفعة للإصابة بالسكتات الدماغية.