تتربع ثمار الفراولة على عرش الفواكه المحببة للنفوس، ليس فقط لجاذبية لونها ورائحتها العبقة التي تضفي نكهة خاصة على أطباق الحلوى، بل لما تخفيه داخلها من كنوز غذائية قيمة، ورغم شهرتها الواسعة كأحد مسببات التحسس الشائعة خاصة لدى الصغار، إلا أن استهلاكها باعتدال يعود بفوائد جمة على الجسم، حيث تلعب دوراً محورياً في تعزيز الدفاعات الطبيعية للإنسان بفضل غناها بفيتامين “ج”، الذي لا يكتفي بتقوية المناعة فحسب، بل يُشكل عاملاً مساعداً لامتصاص الحديد بكفاءة، مما يقي من حالات فقر الدم، فضلاً عن دور الفوسفور الموجود فيها الذي يدعم عمليات الهضم ويشحن الجسم بالطاقة اللازمة لنشاطه اليومي.

وعلى صعيد الوقاية من الأمراض المزمنة، تُعتبر هذه الفاكهة حليفاً قوياً للقلب والشرايين، حيث تتضافر فيها عناصر البوتاسيوم وحمض الفوليك مع مضادات الأكسدة القوية كالأنثوسيانين والفلافونويدات لتعمل سوياً على ضبط ضغط الدم، وخفض معدلات الكوليسترول الضار، وحماية الأوعية الدموية من الالتهابات، كما أن محتواها العالي من مضادات الأكسدة يساهم في محاربة الجذور الحرة، ما قد يقلل من احتمالية نشوء الأورام الخبيثة، هذا بالإضافة إلى دور أليافها الغذائية في ضبط مستويات السكر في الدم عبر تعزيز الشعور بالشبع وتقليل الرغبة في الإفراط بالطعام.

وبالنسبة للراغبين في الحفاظ على رشاقتهم، تُعد الفراولة خياراً مثالياً ضمن الأنظمة الغذائية المدروسة، نظراً لانخفاض سعراتها الحرارية بشكل ملحوظ وقدرتها على كبح الشهية بفضل الألياف، ناهيك عن كونها منجماً للعناصر الضرورية مثل فيتامين “ك” والمنغنيز والمغنيسيوم والنحاس، بالإضافة إلى دهون الأوميغا 3 وفيتامينات المجموعة “ب”، مما يجعلها وجبة خفيفة متكاملة تدعم صحة الجسم بشتى الطرق.

ومع ذلك، تقتضي الحكمة توخي الحذر عند تناولها، إذ قد يكون لها تأثيرات عكسية لدى فئات معينة، فمن المعروف أنها قد تثير ردود فعل تحسسية حادة تظهر على شكل طفح جلدي، أو تورم في الوجه والفم، مصحوباً بصداع أو سيلان في الأنف وحكة في العيون، وتستدعي هذه الأعراض تجنبها تماماً لمن يعانون منها، كما يُنصح بعدم الإسراف في أكلها لتفادي الاضطرابات المعوية مثل المغص والإسهال، ويجب الانتباه أيضاً إلى تأثيرها في زيادة سيولة الدم، مما قد يؤخر التئام الجروح، وهو أمر يستوجب مراقبة الكميات المتناولة لضمان الاستفادة منها دون ضرر.