لطالما ساد الاعتقاد بأن المواظبة على تناول الفاكهة يوميًا هي البوابة الذهبية للصحة، وتغنى الكثيرون بالمقولة الشهيرة التي تربط بين تناول التفاح والاستغناء عن زيارة الأطباء، إلا أن الواقع الطبي يكشف جانبًا مغايرًا لهذه القاعدة؛ فبالنسبة لفئة من الناس، قد يتحول هذا الخيار الصحي إلى مصدر إزعاج ومعاناة، مما يستدعي تجنب أصناف محددة من الثمار، وفي مقدمتها التفاح، تفاديًا لمشاكل هضمية مزعجة تشمل الانتفاخ ونوبات الإسهال.

وفي هذا السياق، يوضح الدكتور دونالد غرانت، الخبير والاستشاري السريري، أن جذور المشكلة غالبًا ما تكمن في صعوبة تعامل أجسام البعض مع “الفركتوز”، وهو السكر الطبيعي الموجود في الفاكهة؛ فعندما يعجز الجسم عن استقلاب هذا السكر بكفاءة، يؤدي ذلك إلى سلسلة من الاضطرابات المعوية، بدءًا من تكوّن الغازات المفرطة وصولًا إلى مشكلات الإخراج، مما يجعل تناول الفاكهة تجربة غير مريحة بدلاً من كونها مفيدة.

ولا تقتصر المتاعب على عسر الهضم فحسب، بل قد يمتد الأمر ليشمل ردود فعل مناعية؛ حيث يشير الأطباء إلى أن استجابة الأجسام للأطعمة تتباين بشكل كبير، ويُعد التفاح من أبرز المحفزات لما يُعرف بـ “متلازمة الحساسية الفموية”. تحدث هذه الحالة نتيجة التباس يقع فيه الجهاز المناعي، حيث يخلط بين البروتينات الموجودة في بعض الفواكه وبين بروتينات حبوب اللقاح، مما يثير رد فعل تحسسي فوري.

تتمثل علامات هذه الحساسية عادةً في شعور بالحكة أو حدوث تورم يطال منطقة الفم، واللسان، والشفتين، وتعتبر ثمار الكمثرى، والكرز، والخوخ، إلى جانب التفاح، من أكثر الأصناف المسببة لهذه الأعراض. وعلاوة على ذلك، توجد فواكه أخرى مثل الكيوي، والأفوكادو، والفراولة قد تؤدي إلى تفاعلات أشد حدة لدى البعض، تتراوح بين الطفح الجلدي والغثيان، وقد تتطور في حالات نادرة إلى صدمات تحسسية خطيرة تستوجب الحذر.

بناءً على ذلك، يوصي الخبراء بضرورة مراقبة ردود فعل الجسم بعناية، وينصحون من يعانون من عدم تحمل الفركتوز بحذف الفواكه الغنية به -كالمانجو والكمثرى- من نظامهم الغذائي. وفي حال حدوث مضاعفات مثل الإسهال، يُنصح باللجوء إلى محاليل معالجة الجفاف لتعويض السوائل المفقودة، مؤكدين أن فهم طبيعة تفاعل الجسم مع الغذاء هو الركيزة الأساسية لتجنب الآلام والحفاظ على صحة الجهاز الهضمي.