شهدت مدينة نيم في الجنوب الفرنسي مأساة عائلية صادمة، حيث انتهت حياة طبيب نفسي تونسي على يد ابنه الذي باغته بالخنق حتى الموت، ثم قام بمواراة جثمانه الثرى داخل فناء منزلهم. وقد تكشفت خيوط هذه الحادثة بعدما سلّم الشاب نفسه للسلطات الأمنية ظهر يوم الأحد، معلنًا مسؤوليته عن إنهاء حياة والده ودفنه إثر خلاف حاد نشب بينهما، واضعًا بذلك حدًا لعمليات بحث استمرت أيامًا بعد اختفاء الضحية الغامض.
الضحية هو صلاح بو عبدالله، وهو شخصية لم تكن بعيدة عن أنظار الأمن الفرنسي، إذ كان مصنفًا ضمن قوائم المراقبة لعلاقاته بتنظيمات سياسية، وتحديدًا عضويته في حركة النهضة وارتباطه المحوري بهياكل جماعة الإخوان المسلمين في الساحة الأوروبية. وجاءت وفاته في توقيت حساس للغاية، حيث انقطعت أخباره في الحادي والعشرين من ديسمبر، وهو التاريخ الذي كان يتزامن مع موعد مثوله أمام القضاء للرد على تهم تتعلق بتمجيد الإرهاب.
ووفقًا للاعترافات التي أدلى بها الابن البالغ من العمر 27 عامًا، فقد تطور نزاع عائلي داخل المنزل إلى عراك بالأيدي أفضى إلى الوفاة خنقًا، ليعمد بعدها الجاني إلى استخدام أدوات حفر بسيطة مثل الفأس والمجرفة لدفن والده بملابسه الكاملة بعد لفه بغطاء بلاستيكي. ومن المثير للاستغراب، حسب تقارير إعلامية فرنسية، أن الابن شوهد قبل يوم واحد من تسليم نفسه وهو يشارك ببرود تام وملامح جامدة خالية من أي تأثر في تجمع عام بالقرب من معلم “ميزون كاريه” التاريخي، مرتديًا سترة خضراء، وكأن شيئًا لم يكن.
وفي الوقت الذي أكد فيه تقرير الطب الشرعي أن الوفاة نتجت عن تعرض الضحية للضرب والعنف، لا يزال الابن – الذي يعمل مطورًا للمواقع الإلكترونية ويتمتع بسجل جنائي نظيف – رهن الاعتقال، متمسكًا بدفاعه بأن ما حدث لم يكن قتلًا متعمدًا. ويُغلق هذا الحادث الدموي ملف الأب الذي كان مثقلًا بالملاحقات القانونية المعقدة، إذ سبق أن خضع للحبس الاحتياطي الصيف الفائت في قضايا تتعلق بغسل الأموال والتهرب الضريبي، فضلًا عن نشاطه السابق المثير للجدل في تنظيم لقاءات تدمج بين النظريات النفسية والمفاهيم الإسلامية.
التعليقات