في حديث تناول الجوانب الشرعية للعلاقات الاجتماعية بين أتباع الأديان، أوضح الشيخ الدكتور محمد العيسى، الذي يشغل منصب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئاسة هيئة علماء المسلمين، أن مشاركة غير المسلمين أفراحهم وتقديم التبريكات لهم في مناسباتهم المتنوعة، بما فيها أعياد رأس السنة، هو تصرف لا يصطدم مع ثوابت الشريعة الإسلامية، مستنداً في ذلك إلى فتاوى صادرة عن قامات علمية بارزة في العالم الإسلامي أباحت هذا التعامل.
وقد فصل العيسى في الجانب الفقهي لهذه القضية، مبيناً أنها تندرج تحت الفروع الاجتهادية التي لا يجوز فيها الإنكار على المخالف؛ حيث أوضح أن الإنكار والتشديد يقتصران فقط على ما خالف الإجماع القطعي واليقيني، أما المسائل التي تحتمل النظر والاجتهاد فتسع الجميع، منوهاً بأن التواصل الإيجابي مع الآخرين يحقق مقصداً شرعياً مهماً يتمثل في إبراز جوهر الإسلام الذي يتسم بالسماحة والرحمة.
واستشهد في طرحه بمقاربة دقيقة، لافتاً إلى أن القرآن الكريم أحلّ طعام أهل الكتاب وذبائحهم، وهذا الإذن الشرعي لا يعني بالضرورة الموافقة على عقائدهم أو الإقرار بها، بل هو تنظيم للعلاقة الإنسانية، وكذلك الحال بالنسبة للتهنئة التي تندرج ضمن البر والمجاملات الحسنة التي تعكس رقي الدين الإسلامي ومقاصده العليا.
وفي ختام رؤيته، شدد على أن هذه الممارسات الودية ليست مجرد شكليات، بل هي جسور ضرورية لتعزيز قيم التعايش السلمي والوئام الإنساني، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يحتاج فيها العالم بأسره إلى ترسيخ لغة الحوار والتفاهم المتبادل بين مختلف الشعوب والحضارات.
التعليقات