تلعب الكلى دورًا محوريًا كجهاز تنقية متطور داخل الجسم، حيث تتولى مهمة تخليص الدم من الشوائب وضبط توازن المعادن والسوائل بدقة متناهية، إلا أن هذا العضو الحيوي يواجه تحديات يومية ناتجة عن أنماط غذائية غير سليمة، لعل أخطرها يكمن في مشروب منزلي معتاد يظن الغالبية أنه لا يشكل ضررًا كبيرًا، بينما تشير التقديرات الطبية إلى أن خطورته قد تفوق أضرار ملح الطعام بمراحل، نظرًا لما يسببه من إجهاد مضاعف للأنسجة الكلوية.

وفي هذا السياق، نبه أطباء متخصصون في أمراض الكلى، ومنهم الدكتور مصعب إبراهيم، إلى المخاطر الكامنة خلف الاستهلاك المفرط للمشروبات الغازية وتلك المحلاة صناعيًا، بما في ذلك الأنواع المخصصة للحمية “الدايت”، والسبب وراء هذا التحذير يكمن في احتواء هذه السوائل على مستويات عالية من الفوسفات الصناعي والمحليات الكيميائية، وهي مركبات تشكل عبئًا ثقيلاً أثناء عملية الفلترة، مما يتطلب من الكلى بذل جهد استثنائي للتخلص منها مقارنة بالمواد الطبيعية.

وتتجاوز خطورة هذه المشروبات تأثير الملح التقليدي؛ إذ إن الفوسفات الصناعي الموجود فيها يصعب على الجسم طرده بسهولة، فضلاً عن تأثير الأحماض المضافة على توازن الكالسيوم، ووجود مواد حافظة ترفع من نسبة السمية، وقد أظهرت الأبحاث أن المداومة على شرب هذه السوائل قد تؤدي إلى تراجع تدريجي في كفاءة الكلى حتى لدى الأصحاء، وغالبًا ما يحدث هذا الضرر بصمت، حيث يرسل الجسم إشارات تحذيرية قد يتجاهلها البعض، مثل العطش الدائم الذي لا يرويه الماء، واضطراب معدلات التبول سواء بالزيادة أو النقصان، والشعور بالإعياء دون سبب واضح، بالإضافة إلى الصداع المتكرر وانتفاخ بسيط في الأطراف أو الوجه.

وتزداد احتمالية الضرر لدى فئات محددة يجب عليها توخي الحذر الشديد، مثل مرضى السكري وضغط الدم وكبار السن، أو من لديهم استعداد وراثي لأمراض الكلى، حيث يؤدي تراكم هذه المواد الكيميائية بمرور الوقت إلى اختلال توازن المعادن وزيادة فرص تكون الحصوات وضعف قدرة الجسم على طرد السموم، وللحفاظ على صحة الكلى ووقايتها، يوصي خبراء التغذية باستبدال هذه المشروبات بخيارات طبيعية كالمياه المنكهة بشرائح الليمون أو الخيار، والأعشاب الخالية من السكر، والعصائر الطازجة، مع ضرورة المسارعة لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة لوظائف الكلى وتحليل البول والأملاح في حال الشعور بأي أعراض مقلقة نتيجة الاستهلاك المستمر لهذه المنتجات الصناعية.