وصلت المواجهة النارية التي يحتضنها ملعب “أدرار” بالمملكة المغربية إلى منعطفها الأخير، حيث تشير ساعة المباراة إلى الدقيقة الخامسة والسبعين، ولا تزال الأفضلية للمنتخب المصري الذي يتقدم بهدف دون رد في إطار منافسات الجولة الثانية من دور المجموعات لبطولة أمم أفريقيا 2025. وجاء هدف التقدم بتوقيع القائد محمد صلاح من علامة الجزاء في الأنفاس الأخيرة للشوط الأول، ليمنح الفراعنة تفوقاً رقمياً في مباراة محفوفة بالمخاطر.

اتسمت الحصة الأولى من اللقاء بغلبة الطابع التكتيكي والحذر المتبادل، حيث ركز المنتخب المصري على إغلاق المنافذ المؤدية لمرماه مع الاعتماد على التحولات الهجومية السريعة عند افتكاك الكرة، وحاول الثنائي صلاح ومرموش اختراق دفاعات الخصم لكن دون خطورة فعلية تذكر في البدايات، باستثناء تمريرة متقنة من محمد هاني كادت تضع صلاح في مواجهة المرمى لولا سرعة الكرة. وشهدت الدقائق التالية توتراً وندية، أسفرت عن بطاقة صفراء للاعب جنوب أفريقيا موكوينا بعد تدخله العنيف لإيقاف انطلاقة مرموش، الذي رد بتهديد المرمى عبر ركلة حرة مباشرة جاورت القائم.

ارتفعت وتيرة الإثارة بشكل درامي قبل صافرة الاستراحة، حيث تألق محمد الشناوي في الذود عن مرماه بتصديه لانفراد صريح من المهاجم فوستر، قبل أن تتدخل تقنية الفيديو لتنصف الفراعنة باحتساب ركلة جزاء، انبرى لها محمد صلاح بنجاح معلناً أول أهداف اللقاء. غير أن سيناريو الشوط الأول أبى أن ينتهي بهدوء، إذ تعرض المنتخب المصري لضربة موجعة بطرد المدافع محمد هاني لحصوله على الإنذار الثاني في الوقت بدل الضائع، ليجبر الفريق على خوض الشوط الثاني بعشرة لاعبين فقط.

مع انطلاقة النصف الثاني، لجأ المدير الفني حسام حسن إلى دكة البدلاء لتعويض النقص العددي وضبط الإيقاع، دافعاً بإمام عاشور بدلاً من عمر مرموش. ورغم النقص، أظهر الفراعنة تماسكاً كبيراً، بل وكاد البديل عاشور أن يضاعف النتيجة من تسديدة صاروخية هيأها له صلاح لكن حارس الخصم كان لها بالمرصاد. في المقابل، كثف منتخب “الأولاد” من ضغطه الهجومي مستغلاً الزيادة العددية، إلا أن بسالة الدفاع المصري ويقظة الشناوي وقفتا سداً منيعاً أمام كل المحاولات.

دخل الفراعنة هذه الموقعة بتشكيلة أساسية ضمت الشناوي في حراسة العرين، وأمامه رباعي الدفاع ربيعة وياسر وحمدي وهاني (قبل طرده)، وفي الوسط مروان عطية وحمدي فتحي وزيزو، بينما قاد الهجوم الثلاثي صلاح وتريزيجيه ومرموش. واحتفظ الجهاز الفني بأوراق رابحة عديدة على مقاعد البدلاء، ضمت أسماءً بارزة مثل مصطفى محمد، إبراهيم عادل، وأحمد فتوح، تحسباً لأي طارئ أو تغيير في خطة اللعب.

تاريخياً، تحمل هذه المواجهة إرثاً من التنافس الشرس، حيث تميل الكفة رقمياً لصالح جنوب أفريقيا في مجمل اللقاءات الودية والرسمية، إلا أن الذاكرة المصرية تحتفظ بانتصارات خالدة أبرزها التتويج بلقب 1998 على حسابهم. ويدخل أبناء النيل، أصحاب الرقم القياسي بسبعة ألقاب، هذه النسخة وعيونهم على استعادة العرش الأفريقي الغائب منذ أكثر من عقد، ومحو آثار خسارة نهائيي 2017 و2021، حيث استهلوا مشوارهم الحالي بفوز ثمين على زيمبابوي، وينتظرهم لقاء ختامي في المجموعة أمام أنجولا لتأكيد التأهل والمضي قدماً نحو النجمة الثامنة.