تتجه أنظار محبي الساحرة المستديرة صوب الملاعب المغربية التي تشهد حاليًا أجواءً حماسية مع انطلاق النسخة الخامسة والثلاثين من العرس الكروي الأفريقي، حيث يستهل المنتخب المصري مشواره بمواجهة مرتقبة أمام نظيره الزيمبابوي. ووسط توقعات بمنافسة شرسة، يأمل المتابعون في مشاهدة وجبة كروية دسمة تليق بقيمة المنتخبات الحاضرة، لا سيما في ظل وجود قوى عظمى تتطلع لخطف اللقب، يتقدمهم “أسود الأطلس” أصحاب الأرض، و”أسود التيرانجا” السنغالية، إلى جانب الفراعنة.

ولا يمكن الحديث عن هذه المسابقة القارية دون استحضار الهيبة التاريخية التي يفرضها المنتخب المصري، الذي يتربع منفردًا على عرش القارة السمراء، بصفته السيد الأول للبطولة منذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي. فالفراعنة يمتلكون سجلًا ذهبيًا لا يضاهى، إذ نجحوا في معانقة الكأس الغالية سبع مرات، متفوقين بذلك على كافة منافسيهم، بما في ذلك الكاميرون وغانا، وهو ما يجعلهم الرقم الصعب الدائم في معادلة الكرة الأفريقية.

وفي خضم هذه النسخة، يحمل الجهاز الفني بقيادة حسام حسن على عاتقه مسؤولية ضخمة تتمثل في إعادة أمجاد الماضي، والسعي لكسر الصيام عن التتويج الذي استمر لقرابة عقد ونصف. ويطمح “العميد” إلى تكرار السيناريو الإعجازي للجيل الذهبي تحت قيادة “المعلم” حسن شحاتة، الذي خلد اسمه بحروف من نور بعد حصده اللقب ثلاث مرات متتالية، صانعًا تاريخًا غير مسبوق. وتأتي هذه الرغبة الجامحة في العودة لمنصة التتويج بعد مرارة خسارة النهائي في نسختي 2017 و2021، مما يزيد من إصرار اللاعبين على استعادة الزعامة.

وتعكس لغة الأرقام بوضوح سطوة المصريين على البطولة، حيث خاضوا أكثر من مائة مواجهة في تاريخ مشاركاتهم، محققين ستين انتصارًا، ووصلوا إلى المشهد الختامي في عشر مناسبات. كما أن ارتباط مصر بالبطولة يتجاوز مجرد المشاركة، فقد احتضنت أرض الكنانة فعاليات المسابقة خمس مرات، مما يؤكد عمق العلاقة بين الجماهير المصرية وهذه البطولة المفضلة لديهم.

وتستمر فعاليات هذا المحفل القاري حتى الثامن عشر من شهر يناير المقبل، وسط صراع محتدم في دور المجموعات الذي يشهد مواجهات من العيار الثقيل. فبينما يخوض المنتخب المصري معاركه ضمن مجموعة تضم جنوب أفريقيا وأنجولا، تشهد المجموعات الأخرى صدامات قوية، حيث تلعب نيجيريا وتونس في مجموعة واحدة، وتدافع السنغال عن حظوظها أمام الكونغو الديمقراطية، في حين تسعى الجزائر وكوت ديفوار لتأكيد جدارتهما في مجموعتيهما، مما ينبئ بشتاء ساخن في ملاعب المغرب.