في أجواء مفعمة بالحماس والتفاؤل، يعيش معسكر المنتخب المصري حالة من التركيز الشديد والاستعداد الذهني والبدني قبل ساعات من المواجهة المرتقبة التي ستجمعه بمنتخب جنوب إفريقيا على أرضية ملعب “أدرار” بمدينة أغادير المغربية؛ وتأتي هذه المباراة المصيرية ضمن منافسات الجولة الثانية للمجموعة الثالثة في نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2025، حيث يسعى الفراعنة لانتزاع صدارة المجموعة وتعزيز حظوظهم في التأهل المبكر.

وقد انعكست هذه الروح الإيجابية بوضوح من خلال المقاطع المصورة التي تم تداولها مؤخراً للتدريبات الختامية للفريق، حيث ظهر اللاعبون وهم يمارسون تمارين “الروندو” التي تعتمد على التمرير السريع في مساحات ضيقة بمهارة فائقة، مما يؤكد حالة الانسجام الكبير بين عناصر الفريق؛ وقد لاقى هذا الظهور تفاعلاً واسعاً من الجماهير المصرية التي استبشرت خيراً بهذه الجاهزية الفنية والروح العالية، معتبرين أنها مؤشر قوي على قدرة الفريق على حسم اللقاء لصالحه.

ويدخل المنتخب المصري هذه الموقعة وفي جعبته ثلاث نقاط ثمينة حصدها بشق الأنفس أمام زيمبابوي في الجولة الافتتاحية، في مباراة شهدت “ريمونتادا” مثيرة بفضل هدفي محمد صلاح وعمر مرموش، ليتقاسم الفراعنة صدارة المجموعة مع منافسهم القادم “الأولاد”، بينما يقبع منتخبا زيمبابوي وأنجولا في المراكز الأخيرة بلا نقاط، وهو ما يجعل مواجهة الغد بمثابة صراع مباشر على الانفراد بالقمة.

ويعتمد الجهاز الفني في هذه المهمة القارية على قائمة مدججة بالنجوم في مختلف الخطوط، بدءاً من حراسة المرمى بوجود الشناوي وشوبير وصبحي، مروراً بخط دفاع صلب يضم رامي ربيعة ومحمد هاني وياسر إبراهيم بجانب الوجوه الشابة، ووصولاً لوسط ملعب حيوي يقوده مروان عطية وإمام عاشور وتريزيجيه وزيزو، وانتهاءً بخط هجوم ناري يتصدره صلاح ومرموش ومصطفى محمد؛ حيث يحدو الجميع أمل كبير في كسر عقدة الغياب عن منصات التتويج المستمرة منذ 15 عاماً، وإعادة اللقب الثامن إلى الخزائن المصرية بعد آخر تتويج في أنجولا 2010.

على الجانب الآخر، لا يبدو الخصم سهلاً المنال، فالمنتخب الجنوب إفريقي بقيادة مدربه البلجيكي هوجو بروس يتمتع باستقرار فني كبير، معتمداً في قوامه الأساسي على الانسجام بين لاعبي صن داونز وأورلاندو بيراتس المحليين، مدعومين بقلة من المحترفين؛ ويمتلك “البافانا بافانا” تاريخاً محترماً في البطولة بتتويج وحيد عام 1996 ووصافة وبرونزيات في نسخ لاحقة، وقد تأهلوا لهذه النسخة بسجل ناصع دون هزيمة في التصفيات، مما ينذر بمواجهة تكتيكية من العيار الثقيل.

وعلى الصعيد الفني للمباراة، تشير المؤشرات إلى استقرار الجهاز الفني للفراعنة على الدفع بالقوة الضاربة منذ البداية، حيث يُتوقع أن يحمي العرين محمد الشناوي، ومن أمامه رباعي دفاعي يضم هاني وفتوح وربيعة وياسر إبراهيم، للسيطرة على مفاتيح لعب الخصم، بينما سيتولى مروان عطية وإمام عاشور وتريزيجيه مهام الربط في وسط الميدان، لتمويل المثلث الهجومي المرعب المكون من صلاح ومرموش ومصطفى محمد.

وبعيداً عن الحسابات الفنية، يولي حسام حسن اهتماماً خاصاً بالإعداد النفسي للاعبين، حيث حرص “العميد” على عقد جلسات مكثفة لإبعاد نجوم الفريق عن الضغوط الجماهيرية والإعلامية، مستدعياً ذكريات التفوق التاريخي ومواجهات التسعينيات، وتحديداً نهائي 1998 الذي كان شاهداً على تألقه، محاولاً بث تلك الروح القتالية في نفوس الجيل الحالي لتجاوز عقبة جنوب إفريقيا والمضي قدماً نحو اللقب الغائب.