لم تكن المواجهة الأخيرة التي خاضها المنتخب المصري ضد نظيره الجنوب أفريقي مجرد محطة عابرة لانتزاع بطاقة التأهل مبكراً إلى ثمن نهائي البطولة القارية المقامة في المغرب، بل كانت فرصة جديدة لترسيخ الهيمنة التاريخية للفراعنة على سجلات القارة السمراء؛ فبقيادة حسام حسن، واصلت الكتيبة المصرية تعزيز أرقامها القياسية، لتثبت أنها الرقم الأصعب في تاريخ المسابقة، حيث ينفرد “الفراعنة” بصدارة قائمة أكثر المنتخبات خوضاً للمباريات برصيد 113 مواجهة، متفوقين بفارق مريح على أقرب منافسيهم كوت ديفوار وغانا ونيجيريا، كما يمتلكون السجل الأقوى هجومياً بـ 178 هدفاً، والأكثر تحقيقاً للانتصارات بواقع 62 فوزاً، فضلاً عن كونهم الأكثر ظهوراً في النهائيات بـ 26 مشاركة، في حين يغيب المنتخب الغاني، أحد المنافسين التقليديين، عن المشهد في النسخة الحالية.
ويتربع المنتخب المصري منفرداً على عرش المتوجين باللقب القاري، حيث تزين خزائنه سبع كؤوس أفريقية، متقدماً على أسود الكاميرون الذين يملكون خمسة ألقاب، والنجوم السوداء الغانية برصيد أربعة، ويسعى رفاق محمد صلاح في هذه النسخة جاهدين لاستعادة الأمجاد المفقودة منذ عام 2010، وتعليق النجمة الثامنة لتعويض إخفاقات الأمتار الأخيرة في نسختي 2017 و2021، مستلهمين روح “الجيل الذهبي” الذي حقق إنجازاً غير مسبوق تحت قيادة “المعلم” حسن شحاتة بحصد اللقب ثلاث مرات متتالية، وهو المدرب الذي يتقاسم الرقم القياسي في عدد مرات التتويج مع الغاني تشارلز جيامفي بثلاثة ألقاب لكل منهما.
وعلى صعيد الأرقام الفردية الخالدة، يتشارك الثنائي أحمد حسن وعصام الحضري في صدارة اللاعبين الأكثر تتويجاً بالبطولة برصيد أربعة ألقاب، كما يحتفظ “السد العالي” برقمه الفريد كأكبر لاعب سناً يشارك في تاريخ النهائيات، وذلك حين حرس عرين مصر في نهائي 2017 وهو يتجاوز الرابعة والأربعين من عمره، ومن جهة أخرى، يبرز اسم الراحل محمود الجوهري كأيقونة تاريخية، كونه أول من عانق الذهب الأفريقي لاعباً ثم مدرباً، وهو إنجاز لم يكرره سوى النيجيري ستيفن كيشي لاحقاً.
وفيما يخص الغزارة التهديفية والطرائف الرقمية، يحتفظ الفراعنة بذكرى استثنائية من عام 1963، حين شهدت مواجهتهم ضد نيجيريا تسجيل تسعة أهداف كاملة في لقاء انتهى لصالح مصر بنتيجة 6-3، وهي المباراة الوحيدة التي شهدت تسجيل “هاتريك” من لاعبين اثنين في نفس الفريق (حسن الشاذلي ومحمد مرسي حسين)، كما ينفرد المنتخب المصري بامتلاكه خمسة هدافين مختلفين نجحوا في تسجيل ثلاثيات “هاتريك” عبر تاريخ البطولة، وهم الشاذلي (مرتين)، والجوهري، والديبة، ورضا، وحسام حسن، وهو رقم عصي على الكسر حتى الآن.
وبالعودة إلى تفاصيل الموقعة الأخيرة في المغرب، فقد نجح المنتخب المصري في حسم ديربي صعب أمام “البافانا بافانا” بهدف نظيف، رغم النقص العددي الذي عانى منه الفريق طوال الشوط الثاني إثر طرد المدافع محمد هاني قبل الاستراحة بقليل؛ ويدين الفراعنة بهذا الفوز لقائدهم محمد صلاح الذي ترجم ركلة جزاء بنجاح في الدقائق الأخيرة من الشوط الأول، ليرفع رصيده التهديفي الشخصي في تاريخ مشاركاته بالبطولة إلى تسعة أهداف، محتلاً المركز الثالث في قائمة الهدافين التاريخيين لمصر، وضامناً لبلاده أن تكون أول الواصلين إلى دور الـ 16 في هذه النسخة المثيرة.
التعليقات