يلجأ الكثيرون مع اشتداد برودة الشتاء وهطول الأمطار إلى تجفيف ملابسهم داخل الغرف، ظناً منهم أن ذلك حل عملي وآمن، إلا أن الأبحاث العلمية الحديثة أماطت اللثام عن جوانب سلبية خفية لهذه العادة اليومية قد تهدد سلامة سكان المنزل. فقد أظهرت دراسة أجرتها إحدى الوحدات البحثية المتخصصة في الهندسة المعمارية بغلاسكو، أن الغالبية الساحقة من الناس – بنسبة تقارب 87% – يعتمدون على الفضاءات الداخلية للمنزل لنشر الغسيل خلال الأجواء الباردة، ونظراً لغياب أماكن مخصصة للتجفيف، يضطر معظمهم لاستغلال غرف المعيشة والنوم.

هذا السلوك الشائع يؤدي لنتائج بيئية غير محمودة داخل المسكن؛ إذ تبين أن ثلاثة أرباع المنازل التي تتبع هذا الأسلوب تعاني من ارتفاع ملحوظ في معدلات الرطوبة، والسبب في ذلك يعود إلى أن حمولة غسيل متوسطة الحجم تضخ ما يقارب لترين من الماء في هواء الغرفة أثناء عملية التبخر. هذا التشبع بالرطوبة يخلق بيئة خصبة ومثالية لنمو العفن وانتشار عث الغبار، مما يؤدي بالتبعية إلى تدهور جودة الهواء الذي يتنفسه أفراد العائلة، وقد تظهر علامات ذلك بوضوح عبر بقع العفن على الجدران.

لا تتوقف الأضرار عند حدود المبنى أو جودة الهواء فحسب، بل تمتد لتطال الصحة الجسدية بشكل مباشر؛ إذ يمكن أن يتسبب هذا الوسط الرطب في إثارة نوبات الربو، وتحفيز ردود الفعل التحسسية المتنوعة مثل العطس المستمر، وحكة العينين، وسيلان الأنف، فضلاً عن احتمالية الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي أو تهيجات الجلد كالأكزيما. وقد حذرت هيئات صحية معنية بأمراض الربو من خطورة الأبواغ السامة التي تنشط في هذه البيئات، مؤكدة أن الضرر لا يقتصر على الأشخاص الذين يعانون من حساسية مسبقة، بل يطال الأصحاء أيضاً.

ورغم أن الجهاز المناعي للإنسان يمتلك قدرة فطرية على طرد الجراثيم والملوثات عبر آليات الدفاع الطبيعية كالسعال أو العطس، إلا أن التعرض المستمر والمكثف لهذه المسببات داخل المنزل ينهك دفاعات الجسم بمرور الوقت، مما يرفع من احتمالية الاستسلام للمشاكل الصحية والمضاعفات التنفسية الناتجة عن استنشاق الهواء المشبع برطوبة وعفن الغسيل.