كثيرًا ما يرسل الجسد لغة خفية من الإشارات والنداءات التي قد نغفل عنها أو نسيء فهمها، معتقدين أنها مجرد نتاج لضغوط الحياة اليومية، إلا أن هناك عرضًا جسديًا محددًا قد يكون بمثابة جرس إنذار يكشف عن وجود فجوة غذائية عميقة لا ينبغي الاستهانة بها، حيث يؤدي تجاهل هذه العلامة إلى تفاقم المشكلات الصحية بمرور الوقت.

عندما يصبح الإحساس بالوهن ثقيلًا وملازمًا للإنسان لدرجة أن ساعات النوم الطويلة لا تفلح في تبديده، فإن الأمر يتجاوز مجرد إرهاق العمل الروتيني؛ إذ يُعد هذا التعب المزمن مؤشرًا قويًا على نفاد مخزون الجسم من عناصر حيوية، أبرزها فيتامين “د”، وفيتامين “ب 12″، وعنصر الحديد، فهذه المكونات ليست كماليات، بل هي الركائز الأساسية التي يعتمد عليها الجسم لتوليد الطاقة، وتقوية الحصانة المناعية، وصيانة الجهاز العصبي، وتجديد خلايا الدم، وأي اختلال في مستوياتها ينعكس سلبًا على سائر الوظائف الحيوية.

يُعد نقص فيتامين “د” بمثابة “العدو الصامت”، حيث ينتشر بشكل واسع، وتظهر أعراضه على هيئة آلام عميقة في العظام والعضلات، مصحوبة بتقلبات مزاجية حادة وشعور عام بالانكسار، وإذا استمر هذا النقص دون علاج، فقد يفتح الباب أمام مخاطر صحية أشد وطأة مثل هشاشة العظام والاضطرابات النفسية كالاكتئاب، وفي سياق متصل، يؤثر انخفاض مستويات فيتامين “ب 12” بشكل مباشر على كفاءة الدماغ والأعصاب، مما يتسبب في تشوش الذهن، وتنميل الأطراف، وصداع لا يهدأ، وهو ما قد يؤدي إلى أضرار عصبية دائمة إذا لم يتم تداركه.

وعلى صعيد آخر، يبرز نقص الحديد كأحد الأسباب الرئيسية للإعياء، خاصة لدى النساء، حيث يتجلى في شحوب البشرة، وصعوبة التنفس، وتساقط الشعر بشكل ملحوظ، وهو نوع من التعب الذي لا تجدي معه الراحة نفعًا بل يزداد حدة مع الوقت، لذا، إذا استمرت حالة الخمول لأكثر من أسبوعين دون مبرر واضح، أو رافقتها أعراض مثل تشتت الانتباه أو آلام جسدية غير مفسرة، يصبح اللجوء إلى الفحوصات الطبية ضرورة حتمية لقطع الشك باليقين، ومع أن تحسين النظام الغذائي يظل الخطوة الأولى للعلاج، فإن حالات النقص الحاد قد تستدعي تدخلًا علاجيًا بالمكملات الدوائية تحت إشراف مختص لضمان استعادة التوازن البيولوجي للجسم بأمان.