مع الشروق .. صوت المقاومة يترك وحيدا

تورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. صوت المقاومة يترك وحيدا, اليوم الخميس 26 سبتمبر 2024 12:10 صباحاً

مع الشروق .. صوت المقاومة يترك وحيدا

نشر في الشروق يوم 25 - 09 - 2024

2327373
عبر التاريخ، كان لبنان، هذا البلد الصغير جغرافيا والكبير بمواقفه، ساحة لصراعات إقليمية ودولية، تحمل أعباءها وتحمل معها آمال شعوب المنطقة، خاصة في وجه العدو الإسرائيلي، وعلى مر السنين لم تكن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان جديدة أو مفاجئة، حيث تصدرت صور الدمار والعنف المشهد في أكثر من مناسبة، ولكن في كل مرة، يتساءل الشعب اللبناني :لماذا يتركنا العرب وحدنا في مواجهة عدو مشترك؟
اليوم، وبعد العدوان الصهيوني الغاشم على سيادة لبنان، يبدو أن هذا البلد يقف وحيدًا، معتمدًا فقط على قواه الذاتية ودعم شعوب لا تملك القوة السياسية التي تمكنها من فرض مواقفها على الصعيد العربي والدولي، و في المقابل بات الصمت العربي قاعدة في وجه هذه الأزمات في تكرار لمشهدية محزنة ومخزية حول التضامن العربي في زمن الحاجة.
فلبنان جغرافيا و استراتيجيا ليس مجرد دولة على الحدود مع إسرائيل، بل هو أحد أبرز خطوط المواجهة مع الكيان الصهيوني منذ عقود، و هو الذي كان ساحة للاعتداءات الغاشمة منذ اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان في عام 1982، مرورا بالاعتداءات المتكررة على بيروت والضاحية الجنوبية في حرب جويلية 2006، وصولا إلى العدوان الجبان مؤخرا والاستهداف المتواصل للجنوب اللبناني، حيث كان لبنان الحبيب دائما في عين العاصفة.
لكن رغم هذا التاريخ الطويل من المعاناة والتحدي في مواجهة العدو الصهيوني، يجد لبنان نفسه وحيدًا في الميدان معتمداً بشكل رئيسي على مقاومته الشعبية ووحدة صفوفه الداخلية، ورغم تضحياته الكبيرة، لم يحظ بالدعم المطلوب من أشقائه العرب الذين يقفون موقف المتفرج، تاركين هذا البلد الصغير وحيدا في مواجهة آلة الحرب الصهيونية.
وفي الوقت الذي يحتاج فيه لبنان للدعم العربي الكامل في هذه الظرفية التي يتعرض فيها للعدوان الصهيوني الغاشم ، يبدو أن العالم العربي بات مشغولا بأزماته الداخلية أو بتحقيق مصالحه الضيقة، وهذا الخذلان ليس فقط نتيجة لتغير السياسات الخارجية العربية، بل هو جزء من انسحاب تدريجي للأمة العربية من قضاياها المركزية.
وبالعودة إلى التاريخ، لم يكن هذا الخذلان دائمًا هو القاعدة، فلطالما كانت هناك مواقف عربية مشرفة في دعم لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، ولكن في السنوات الأخيرة، ومع تصاعد الصراعات الداخلية في العديد من الدول العربية باتت القضية اللبنانية ومواجهة إسرائيل في مرتبة أقل من الأولويات.
من جهة أخرى، تبرز تحالفات جديدة في المنطقة بين بعض الدول العربية وإسرائيل، الأمر الذي يزيد من حدة خذلان لبنان، فمنذ توقيع بعض الدول العربية لاتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، أصبحت مواقفها تجاه الاعتداءات الإسرائيلية أكثر ليونة، بل وصل الأمر إلى تجاهل الاعتداءات بالكامل في بعض الحالات، وهو ما يعكس تحولا خطيرا في الموقف العربي تجاه لبنان وتجاه القضية الفلسطينية بشكل عام.
ورغم الخذلان العربي الواضح، يبقى الشعب اللبناني متمسكًا بحقوقه في الدفاع عن نفسه وعن أرضه، هذا الشعب الذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، لا يزال يقدم التضحيات من أجل حماية سيادته، ويقف متحدًا في وجه العدوان، و المقاومة الشعبية اللبنانية، وعلى رأسها "حزب الله"، قدمت نموذجًا للمقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وأثبتت أنها قادرة على ردع الاعتداءات المتكررة، رغم قلة الدعم الخارجي.
و لا يمكن اليوم للعرب أن يستمروا في سياسة الصمت أو التجاهل تجاه ما يحدث في لبنان، فالمطلوب بشكل عاجل موقف عربي حاسم يتجاوز البيانات الرمزية والاستنكارات الدبلوماسية التي لا تغني ولا تسمن من جوع، يجب على الدول العربية أن تتحمل مسؤولياتها تجاه لبنان، ليس فقط لأنه دولة عربية شقيقة، بل لأنه يمثل خط الدفاع الأول عن الأمن القومي العربي، فخذلان العرب للبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي يعد خيانة للقيم العربية والمبادئ التي قامت عليها الأمة، فلبنان لا يحتاج إلى كلمات دعم فارغة، بل إلى أفعال حقيقية تعكس التضامن العربي الذي طالما كان أساسًا للعلاقات بين الدول العربية، و إذا استمر العرب في تجاهل معاناة لبنان وتركه وحيدا في مواجهة آلة الحرب الصهيونية فإن التاريخ لن يرحمهم، وسيظل لبنان، رغم كل شيء، صامدًا في وجه العدوان، معتمدًا على شعبه وإرادته التي لا تُقهر.
هاشم بوعزيز

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق