تُعد العناية بالنظافة الشخصية ركيزة أساسية تجمع بين الالتزام الديني والممارسات الصحية السليمة، ومع تسارع وتيرة الحياة اليومية، شاع الاعتماد على المناديل الورقية كوسيلة وحيدة للتطهر بعد قضاء الحاجة. هذا السلوك أثار جدلًا واسعًا وتساؤلات مشروعة حول مدى كفايته لتحقيق الطهارة المطلوبة شرعًا، وما إذا كان ينطوي على أضرار صحية خفية قد يغفل عنها الكثيرون، لذا كان لزامًا توضيح الرؤية من منظور فقهي وطبي متكامل.
من الناحية الشرعية، اتفقت الآراء الفقهية المعتمدة في مصر على أن العبرة في الطهارة تكمن في إزالة النجاسة وأثرها، وبناءً على ذلك، فإن استخدام المناديل الورقية أو أي وسيلة جامدة طاهرة يُعد أمرًا جائزًا ومقبولًا، لا سيما في الحالات التي يتعذر فيها الوصول إلى الماء. ورغم أن الماء يبقى هو الخيار الأمثل والأطهر لإزالة الشوائب بشكل كامل، إلا أن الدين الإسلامي يتسم باليسر، مما يجعل استخدام الورق رخصة مقبولة ترفع الحرج عن المسلم، خصوصًا أثناء السفر أو التواجد في أماكن العمل والمرافق العامة.
على الجانب الآخر، يرى المتخصصون في المجال الطبي أن الاكتفاء بالمسح الجاف قد لا يكون الخيار الصحي الأفضل؛ حيث يحذر استشاريو أمراض النساء والتوليد من أن المناديل وحدها قد تعجز عن التخلص من كافة الجراثيم والبكتيريا العالقة في المنطقة الحساسة. بقاء هذه الكائنات الدقيقة قد يفتح الباب أمام مشكلات صحية مزعجة، مثل التهابات المسالك البولية أو التحسس الجلدي، وتتضاعف هذه المخاطر لدى الفئات الأكثر عرضة للعدوى مثل النساء الحوامل أو أصحاب البشرة الحساسة، مما يجعل الاعتماد الكلي على الورق بشكل يومي عادة قد تحتاج إلى مراجعة.
وفي سياق متصل، ينبه الأطباء إلى خطورة بعض البدائل الشائعة مثل المناديل المبللة المعطرة، إذ تحتوي غالبًا على كحول ومواد كيميائية قد تؤدي لتهيج الجلد وتجريده من زيوته الطبيعية بدلًا من تنظيفه. وفي المقابل، يظل الماء هو الوسيلة الأكثر فاعلية للتنظيف العميق والحماية من الروائح الكريهة وتراكم البكتيريا، مما يجعله خط الدفاع الأول ضد الالتهابات المزمنة التي قد تنشأ عن قلة النظافة.
لتحقيق التوازن المثالي بين الطهارة الشرعية والوقاية الصحية، يُنصح باتباع روتين يجمع بين مزايا الطريقتين؛ فيُفضل البدء بغسل المكان بالماء لضمان إزالة أي ملوثات، يعقبه استخدام مناديل ورقية ناعمة وخالية من العطور لضمان التجفيف التام، حيث إن الرطوبة المتبقية قد تكون بيئة خصبة للفطريات. كما يجب الحرص الدائم على غسل اليدين جيدًا عقب الانتهاء لمنع انتقال العدوى، مع ضرورة اللجوء إلى المشورة الطبية فور ظهور أي علامات غير معتادة كالاحمرار أو الحكة لتلقي العلاج المناسب مبكرًا.
التعليقات