الأجور في الوظيفة العمومية: بين مقتضيات الترشيد ومتطلبات دعم القدرة الشرائية

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الأجور في الوظيفة العمومية: بين مقتضيات الترشيد ومتطلبات دعم القدرة الشرائية, اليوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024 02:14 مساءً

الأجور في الوظيفة العمومية: بين مقتضيات الترشيد ومتطلبات دعم القدرة الشرائية

نشر في الشروق يوم 09 - 10 - 2024

2329121
يشمل مشروع قانون المالية ومشروع ميزانية الدولة، الصادر مؤخرا عن وزارة المالية، تقديم مشاريع ميزانيات المهمات باعتماد الاهداف المضمنة بالمخطط التنموي 2025-2023 والاستراتيجيات الوطنية وتوزيعها حسب البرامج مع إعطاء الاولوية للقرارات الرئاسية والاجراءات الحكومية المعلن عنها. وتنبني التوجهات التي تضمنها المشروع بالأساس، على مواصلة العمل على التحكم في كتلة الاجور والنزول بها إلى نسب معقولة من الناتج المحلي الاجمالي.
وتتوجه الحكومة نحو مواصلة العمل على التحكم في كتلة الأجور والنزول بها إلى نسب مقبولة من الناتج المحلي الإجمالي من خلال مواصلة تنفيذ برنامج الزيادات العامة في الأجور طبقا لاتفاق 15 سبتمبر 2022 والأوامر المنبثقة عنه وعدم تقديم مقترحات في الترفيع في المنح أو إحداث منح جديدة وترشيد الانتدابات وتوجيهها حسب الأولويات القطاعية.
وتشكل فاتورة الأجور في القطاع العام مصدر اهتمام مستمر فهي تمثل جزءاً كبيراً من نفقات ميزانية الدولة، والسيطرة عليها ضرورية لضمان الاستقرار المالي للبلاد. ومن المهم تحليل تطور مستوى المرتبات وحالتها الحالية، فضلاً عن التحديات التي تطرحها. وتمثل كتلة رواتب القطاع الحكومي، وفق بيانات رسمية 49.1% من مداخيل ميزانية الدولة، بعد أن تطور حجمها من 6.7 مليارات دينار عام 2010 إلى 23.7 مليار دينار عام 2024 ما يشكل 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وتنهج البلاد منذ نحو سنوات سياسة ترشيد الانتبات والحث على التقاعد المبكر والنظر في دعم الحراك الوظيفي في القطاع العام، بهدف النزول بكتلة الأجور إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي. منذ عام 2011، شهدت فاتورة الأجور في القطاع العام التونسي نموا مستمرا.
وعلى الرغم من السعي للسيطرة على تكاليف الأجور، فإن الاتجاه التصاعدي لقيمتها مستمر نسبيا. وبحسب توقعات ميزانية الدولة، من المنتظر أن تصل فاتورة الأجور إلى نحو 23.7 مليار دينار عام 2024، ارتفاعا من 22.7 مليار دينار عام 2023. وتؤكد هذه الزيادة أهمية التحدي المتمثل في احتواء النفقات المتعلقة برواتب الموظفين.
تتكون المرتبات في القطاع العام التونسي من عدة عناصر: الأجور الإجمالية الأساسية والمنح الخصوصية والمنح العائلية والمنح بشكل عام ومساهمات أصحاب العمل. وتخضع لمجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية، بما في ذلك القانون 112 لسنة 1983 المتعلق بالوظيفة العمومية، والمراسيم المنظمة للتعويضات وإدارة شؤون الموظفين، فضلا عن تلك المتعلقة بالمساهمات الاجتماعية والجبائية.
وتشمل فاتورة أكبر الشركات العمومية من حيث الأجور، الشركة التونسية للكهرباء والغاز واتصالات تونس وشركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي. وتمثل هذه الشركات مجتمعة 66% من إجمالي رواتب المؤسسات العمومية ال 88 التي يغطيها التقرير الأخير الصادر عن وزارة المالية حول الشركات العمومية. تمثل فاتورة الأجور حوالي 50% من إجمالي نفقات الميزانية التونسية، مما يثير تحديات في خصوص مواصلة تمويل النفقات الأساسية الأخرى بأريحية، مثل البنية التحتية والمرافق العمومية.
ويثير هذا الوضع تساؤلات بالغة الأهمية فيما يتعلق بحيز المناورة في الميزانية اللازم لتنمية البلاد. يتفق المراقبون على أن عمليات التوظيف الضخمة، التي تجاوزت 130 ألفاً منذ عام 2011، ساهمت في الانفجار الكبير في الأجور. ومن الضروري الحد من الانتدابات الجديدة وترشيد نفقات الأجور في الوظيفة بشكل أكثر صرامة مما يجعل من الممكن خفض الأجور تدريجياً. كما ساهمت الزيادات المتتالية والترقيات الواسعة النطاق وغيرها من "الانزلاقات" في زيادة الأجور.
ومن شأن إعادة النظر في نظام الأجور على أساس الأداء أن يشجع على زيادة الكفاءة داخل الوظيفة العمومية. لإفساح المجال للمناورة، من المهم خفض التكاليف غير الأساسية وتشجيع إدارة أكثر كفاءة للموارد العمومية. وهذا من شأنه أن يمول الإنفاق ذي الأولوية الأخرى مثل البنية التحتية والخدمات العمومية الأساسية.
ومع ذلك، فإن ضبط فاتورة الأجور في القطاع العام يتطلب اتباع نهج شامل يجمع بين ترشيد الانتدابات وإصلاح نظام الأجور ومراقبة الزيادات والترقيات والمراقبة الصارمة وخفض التكاليف غير الأساسية.
وهذا يشكل تحديا كبيرا لضمان الاستقرار المالي للدولة والتنمية المستدامة. وسيتطلب تنفيذ هذه التدابير إرادة قوية والتزاما مستمرا من جميع الأطراف المعنية.
يذكر أن كتلة الأجور في الوظيفة العمومية ارتفعت الى11239.7 مليون دينار طيلة النصف الأول من العام الحالي مقابل 10844.4 مليون دينار خلال نفس الفترة من السنة السابقة بزيادة نسبتها %3.6 وذلك وفق آخر المعطيات المحينة والمنشورة في موقع وزارة المالية وهو ما يعكس تواصل الجهود المبذولة للتحكم في حجم الرواتب في القطاع العام.

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق