الإكتفاء الذاتي ممكن والسكر مفقود .. لعنة «اللفت السكري» تطارد التونسيين

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإكتفاء الذاتي ممكن والسكر مفقود .. لعنة «اللفت السكري» تطارد التونسيين, اليوم الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 05:16 مساءً

الإكتفاء الذاتي ممكن والسكر مفقود .. لعنة «اللفت السكري» تطارد التونسيين

نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 15 - 10 - 2024

2329896
فيما يعاني المواطن من تقطع التزويد بمادة السكر يعود السؤال بقوة حول دوافع التمسك بسياسة التوريد في بلد يمتلك كل الإمكانيات لتحقيق الإكتفاء الذاتي من هذه المادة الأساسية.
لقد شيّد جيل الاستقلال أقطابا صناعية كبرى منها قطب تحويل السكر الذي يتوزع على مصنعين اثنين بكل من باجة وجندوبة قبل أن تأتي مرحلة التسعينات لتحول هذا الصرح إلى كتلة خراب في نطاق خيارات انبثقت عن الوصاية الأطلسية وأدت إلى تصحّر الركيزتين الأساسيتين للإقتصاد الوطني الفلاحة والصناعة.
وعلى هذا الأساس جاء قرار إيقاف زراعة اللفت السكري في نهاية تسعينات القرن الماضي في نطاق حزمة عن التدابير التي استبدلت ركائز الأمن الغذائي الوطني بالتعويل المفرط على الخارج وكان من أهم انعكاساتها إغراق البلاد بالبذور والمشاتل المستوردة عبر وسطاء أغلبهم صهاينة يتمركزون في مناطق متفرقة من العالم منها الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا.
وبالنتيجة حصل تدمير لمنظومة وطنية عريقة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية كانت تدور حول زراعة اللفت السكري وتدرك ذروتها مع انطلاق موسم الحصاد في بداية الصيف حيث كان يقام مهرجان اللفت السكري في باجة وتنتعش جيوب طلبة الجامعات بالإشتغال كعملة وقتيين في مصنعي جندوبة وباجة خلال عطلة الصيف.
وعلى هذا الأساس أفرز قرار إيقاف زراعة اللفت السكري أزمة مركبة حيث أدت الحلول الظرفية والملفقة إلى تخريب شركة السكر بباجة وبدرجة أقل المركب الصناعي بجندوبة بحكم تخصصها في تحويل اللفت السكري فيما تراجعت خصوبة الأرض في سهول الشمال الغربي بشكل تصاعدي بالنظر إلى أن استرسال زراعة القمح يؤدي آليا إلى تفقير التربة حيث يمثل اللفت السكري في جميع أنحاء العالم ركيزة أساسية للتداول الزراعي.
وبالمحصلة فإن توقف الحياة النشيطة التي كانت تدور حول زراعة اللفت السكري هو واحد من أسباب أزمة النزوح الهيكلية والمستديمة التي يعاني منها الشمال الغربي منذ عدة عقود.
هذه هي أركان المعادلة التي يفترض أن يناقش في ضوئها ملف اللف السكري للتوصل إلى حل جذري تدعمه العناصر الموضوعية وينأى عن الإرتجال وسياسة الحلول السهلة حيث أن التعلل بندرة المياه بالنظر إلى تعاقب مواسم الجفاف وتموقع تونس تحت عتبة الفقر المائي يمثل في حدّ ذاته قرينة تفرض الإتجاه إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي من السكر والتعاطي مع اللفت السكري بوصفه زراعة استراتيجية على غرار القموح حيث أن قيمة هذا المنتوج أو بالأحرى الرهان المالي والاقتصادي والإجتماعي الذي يمثله يتجاوز بكثير قيمة منتوجات أخرى تسرف في استهلاك مياه الري مثل صادرات القوارص التي تمثل مجرد استبدال للدينار باليورو.
كما أن التحكيم الموكول للحكومة ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار المزايا الشمولية للفت السكري الذي يمثل المادة الأساسية لصناعة «الخميرة» كما تستخدم فواضله بعد التحويل أعلافا للماشية وذلك إضافة إلى نزيف العملة الصعبة الذي يتسبب فيه توريد السكر من الخارج حيث تستورد تونس نحو 400 ألف طن من مادة السكر بقيمة تعادل 700 مليون دينار .
علما وأن سياسة التوريد أدت إلى تخريب مكاسب صناعية وطنية مثل الشركة التونسية للسكر التي أصبحت عاجزة حتى عن تنظيف السكر الخام المستورد من الخارج .
وفي المقابل لا تتعدى المساحات اللازمة لتحقيق الإكتفاء الذاتي من السكر 30 ألف هكتار أي ما يعادل 7 بالمائة من الأراضي الفلاحية الدولية التي تعاني من شبه تصحر بسبب وضعها بين كما شتين ثقافة «رزق البيليك» في الأراض التي بقيت تحت التصرف المباشر للدولة ومنطق «الوجاهة الإجتماعية» الذي يحوم حول أغلب الأراضي التي يتصرف فيها القطاع الخاص.
الأخبار

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق