واقع الأحزاب اليسارية بالمغرب وسؤال الفراغ القيادي

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
واقع الأحزاب اليسارية بالمغرب وسؤال الفراغ القيادي, اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024 10:37 مساءً

سفيان الرزاقي

مما لا شك فيه وأن المشهد السياسي والحزبي المغربي يشهد أزمة حقيقية، خاصة الأحزاب اليسارية التي كانت تعتبر بمثابة القوى الحية داخل المجتمع و الحصن المنيع لحماية حقوق الطبقة الكادحة.

و قد عرف العقد الأخير أفول نجم الأحزاب اليسارية بالمغرب بعد تراجعها في الانتخابات، ما جعل مستقبلها على المحك و ذلك في ضوء تمثيلتها في البرلمان و الحكومة، خاصة و أنها أصبحت تصطف في المعارضة.

اليسار المغربي و منذ ستينيات القرن الماضي، كان يشكل قوة سياسية وازنة في البلاد، وقاد المعارضة لعقود من الزمن ثم حكومة التناوب سنة 1998 وصولا إلى الإئتلاف الحكومي وإن كانت التجربة في هذا الإئتلاف من حيث النجاح والريادة في حدهما الأدنى.

فالسؤال الجوهري المطروح هنا و الذي نحاول الإجابة عنه بتجرد و وضوح و مصداقية يتعلق بالأساس في:

ما هو السبب الرئيسي وراء تراجع الأحزاب اليسارية بالمغرب؟

هذا السؤال يرتبط الجواب عنه بعنصرين اثنين هامين:

أولهما أن اليسار بالمغرب أصبح ظاهرة انقسامية وتميل نحو التشتت، وثانيهما عدم تطور خطاب اليسار مع تطور المجتمع، إذ لازال يحافظ في الوقت الراهن على خطاباته الكلاسيكية.

والجدير بالذكر فإن عامل الفراغ القيادي ساهم بشكل كبير في فقد رؤيا اليسار، بحيث أصبح يجد صعوبات في إيجاد البدائل القيادية والمؤسسية المتشبعة بالفكر اليساري التقدمي، و هذا ما أدى إلى الكف عن تقديم رؤى و برامج واضحة المعالم تشتد إليها قطاعات من الشعب، ما عجل وبشكل ملحوظ في اندثار مشروع اجتماعي سياسي تتميز به الأحزاب اليسارية عن محيطها من الأحزاب السياسية الأخرى.

كما ساهم في هذا التراجع والفراغ الرؤيوي والبرنامجي لدى اليسار والحركة التقدمية بالمغرب هو التهميش المنظم للمثقفين فيه، وعزل القياديين المتشبعين بالفكر السياسي ومبادئه واستبدالهم بأشباه المناضلين الذين لا تربطهم باليسار أية علاقة ذات بعد تقدمي، وإنما المال و تغليب المصالح الخاصة عن العامة من أسباب قطع حبل الفكر و السياسة.

وكما يرى العديد من متتبعي الشأن السياسي بالمغرب فإنهم يجتمعون على كلمة واحدة ويستقرون على خلاصة وحيدة ألا وهي أن الزعامة والقيادة في الأحزاب اليسارية أصبحت تقدم في طبق من ذهب لأشخاص دخلاء لم يشهد لهم التاريخ أنهم كانوا مناضلين يوما متشبعين بالفكر اليساري التقدمي، و على العكس فهم لا يجيدون حتى المبادئ الأساسية التي تعتبر أركان الحركة التقدمية بالمغرب، الأمر الذي جعل من مناضلي الأحزاب اليسارية يستنكرون و بشدة الوضع الذي ٱلت إليه هذه الأخيرة.

 ومن الطبيعي أن لا يجد المثقفون منهم مكانا لهم في مثل هذه البيئة النابذة، وبالتالي هجرتها، ومع ذلك لم تكن الهجرة الإضطرارية للمثقفين المغاربة من أحزاب اليسار وتنظيماته مجرد سحابة عابرة، وإنما المبادئ اليسارية التي أوشكت أن تصبح طي النسيان في المغرب.

 فسؤال واقع اليسار بالمغرب والفراغ القيادي لم يكن الغوص فيه ونبش أوراق تاريخه من فراغ و إنما إغناء لمعارف المتتبع لهذا الشأن و وضع الأصبع على الداء حتى نكون واقعيين في التعامل معه لإيجاد سبل الخروج من هاته الأزمة و إعادة الهيكلة اليسارية بالمغرب من جديد ...

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق